24 ساعة _ متابعة
سجل المغرب، الذي اضطلع بدور طلائعي في المعركة العالمية ضد فيروس كورونا المستجد، إنجازا جوهريا باتجاهه نحو نادي كبار منتجي اللقاح المضاد لكوفيد-19، في مبادرة ذات دلالة كبيرة، لاسيما في سياق لا زالت تطبعه الجائحة وتداعياتها التي أنهكت كبرى الأنظمة في العالم.
ويترجم مشروع تصنيع وتعبئة اللقاح المضاد للكوفيد ولقاحات أخرى، الطموح الكبير للملك محمد السادس من أجل جعل المملكة منصة قارية لإنتاج وتوزيع اللقاحات.
وضمن هذا فيتضح جليا أن الرهان هنا المتمثل في هذه النقطة يتجاوز النجاح الذي تعرفه الحملة الوطنية للتلقيح، نحو رهان أكبر، ألا وهو حماية المواطنين ضد مرض خطير محتمل في خطوة استباقية تستشرف المستقبل، وتتوق لتملك القدرات الصناعية للتصنيع المحلي للقاحات بجميع أنواعها.
فمن وجهة نظر صناعية واستراتيجية، فإن هذا المشروع الضخم الذي تبلغ تكلفته 500 مليون دولار، يعزز وضع المملكة كمزود للأمن الصحي على المستوى القاري، في مواجهة المخاطر الصحية والتبعيات الخارجية والطوارئ السياسية.
ويعد الاكتفاء الذاتي ومعه التكامل والسيادة الصحية، من المبادئ التي تقوم عليها الشراكة الواعدة المفضية إلى هذا الورش الذي يكرس الإشعاع الدولي للمغرب.
وبتركيزها على منطق التعاون الذكي وذي الفائدة المتبادلة، تكون خطوة المملكة هذه، مندرجة ضمن فلسفة جريئة وتضامنية خاصة تجاه البلدان الإفريقية. إنها باختصار مقاربة مواتية، قبل كل شيء، للمواطنين، وتقوم على استثمار التجربة التي اكتسبتها البلدان الإفريقية الأكثر تقدما.
وبالأرقام، يهدف المشروع الذي تم الكشف عنه، اليوم الاثنين، إلى إطلاق قدرة أولية على المدى القريب لإنتاج خمسة ملايين جرعة من اللقاح المضاد ل(كوفيد-19) شهريا، قبل مضاعفة هذه القدرة تدريجيا على المدى المتوسط.
والهدف الأول للمشروع، تطوير لقاحات تحت علامة “صنع بالمغرب”، وضمان الاكتفاء الذاتي للمملكة مع تزويد بلدان القارة السمراء والدول المغاربية.
وإذا كانت المملكة قد توفرت لها المؤهلات لتطوير بنياتها التحتية الخاصة بتصنيع اللقاحات، فقد توفرت لها أيضا الإمكانيات الصناعية والتكنولوجية اللازمة لهذا الغرض.
وهنا يحق التساؤل، ألم يشارك المغرب، من البداية إلى النهاية، في تجارب اللقاحات بمراكز عدة، مع كل ما يترتب على ذلك من نقل الخبرة والمعرفة العلمية للبلد؟
هذا السبب دفع بالصين إلى الاعتماد على حليف آمن لبناء قدرات تصنيع اللقاحات وتصديرها إلى بقية القارة. إنه أفضل ما يمكن ربحه من شراكة مع المغرب، البلد الذي يتموقع بقوة في إفريقيا والذي يتحكم في قنوات التوزيع.
هذا دون إغفال أن المشروع الذي قدم أمام أنظار جلالة الملك، يعزز الإشعاع الدولي للمملكة بنفس جهودها في سبيل ضمان الأمن الصحي داخل محيطها الإقليمي والقاري.
وبذلك، يكون المغرب قد انطلق، اليوم، في مجال ظل حكرا على القوى العالمية الكبرى، منذ بداية الأزمة الصحية. إذ أن صناعته الدوائية، التي تعد من بين الصناعات الأكثر ديناميكية، بدأت تشق طريقها نحو التصنيع المشترك ونقل التكنولوجيات