24 ساعة-متابعة
يشغل موضوع تعويم الدرهم المغربي الساحة الاقتصادية في المغرب، خاصة في ظل التحولات الاقتصادية المحلية والدولية التي تعرفها البلاد، حيث شهد المغرب على المستوى المحلي، تحديات اقتصادية كبيرة في السنوات الأخيرة، تمثلت في أزمة تضخمية انعكست بشكل واضح على القدرة الشرائية للمواطنين، مما زاد من الضغط على الطبقات الاجتماعية الضعيفة والمتوسطة.
أما على المستوى الدولي، فإن المغرب ليس بمنأى عن الأزمات الاقتصادية العالمية التي تشهدها العديد من الدول، خصوصا بعد تداعيات جائحة كورونا التي أحدثت أزمة اقتصادية عالمية، وما تلاها من أزمات متعلقة بالارتفاع الحاد في أسعار المواد الأولية والطاقة، هذا بالإضافة إلى التأثيرات الناتجة عن التحولات الجيوسياسية، كالحروب التجارية بين بعض القوى الكبرى، مما يخلق بيئة اقتصادية غير مستقرة.
في هذا السياق، قدم زاهر بدر الأزرق، المحلل الاقتصادي، تحليلا معمقا للوضع الاقتصادي الحالي، موضحا التحديات التي قد تواجه المغرب في ظل الظروف الراهنة، لا سيما فيما يتعلق بالقدرة الشرائية للمواطنين وأزمة التضخم.
وأشار زاهر بدر الأزرق في تصريحه لـ”24 ساعة”، إلى أنه رغم الحديث المستمر عن مسألة تعويم الدرهم، إلا أنه لم يتم اتخاذ أي قرارات رسمية من قبل بنك المغرب في هذا الصدد حتى الآن.
وأكد أن هذه القضية كانت محط اهتمام كبير من قبل المسؤولين، بما في ذلك تصريحات سابقة لوالي بنك المغرب، التي أشارت إلى أن تعويم الدرهم يعد مسألة حتمية، ومع ذلك، تبقى القضية مرتبطة بتحديد التوقيت المناسب والسياق الاقتصادي الملائم لهذه الخطوة.
وسلط الأزرق الضوء على التحديات الاقتصادية التي واجهت المغرب في الفترة السابقة، لاسيما في ظل الأزمة التضخمية وضعف القدرة الشرائية التي أرهقت المواطنين، حيث جعلت هذه العوامل الكثيرين يتخوفون من أن تحرير الدرهم قد يؤدي إلى نتائج عكسية، منها زيادة التضخم وضغط أكبر على القدرة الشرائية للمغاربة.
وبالتالي، حسب بدر الأزرق، يتطلب الأمر دراسة دقيقة للوقت الأنسب لهذه الخطوة لضمان عدم تأثيرها سلبا على المواطنين.
وعلى الرغم من هذه التحديات الداخلية، يرى الأزرق أن هناك بعض المؤشرات الإيجابية التي بدأت تظهر على الاقتصاد المغربي، خصوصا في نهاية 2024 وبداية 2025، فبداية تعافي الاقتصاد المغربي من الأزمة التضخمية، إلى جانب تحسن التوقعات العالمية لنمو الاقتصاد، جعلت السياق الاقتصادي أكثر ملاءمة للنظر في إمكانية تحرير الدرهم.
وأضاف المتحدث، ومع ذلك، لا يزال هناك قلق بشأن ما قد يترتب على هذه الخطوة من تأثيرات سلبية على المستوى المحلي، لاسيما على قدرة المواطنين الشرائية.
وأوضح زاهر بدر الأزرق، أن هذا القلق يعزى إلى التوترات الدولية المتزايدة، خاصة بعد القرار الأخير للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بفرض رسوم جمركية جديدة، حيث أن هذا القرار أدى إلى تزايد المخاوف من الدخول في أزمة اقتصادية عالمية جديدة، تزامنا مع توقعات الركود الاقتصادي المصاحب لهذه الخطوة.
ويضيف المتحدث، أن هناك حديث متزايد عن حرب تجارية محتملة بين الولايات المتحدة والعديد من التكتلات الاقتصادية الكبرى، مثل الصين والاتحاد الأوروبي، ما يعيد الوضع الاقتصادي العالمي إلى حالة من عدم اليقين.
وأشار الأزرق إلى أن التجربة المصرية في تحرير العملة هي نمودج لا يشجع على المضي في مسألة التحرير إلى حين أن تكون هناك ظروف مواتية على مستوى الاقتصاد العالمي والاقتصاد الداخلي أيضا.
ويرى الأزرق أنه من الأفضل تأجيل تعويم الدرهم إلى حين تحسن الظروف الاقتصادية على الصعيدين العالمي والمحلي، من أجل ضمان عدم تأثير هذه الخطوة بشكل سلبي على المواطنين.
وفي ظل هذه التغيرات، أشار الأزرق المحلل الاقتصادي، إلى أن الكرة تبقى في مرمى بنك المغرب، الذي عليه أن يدرس بعناية جميع العوامل الاقتصادية الداخلية والخارجية قبل اتخاذ أي قرار بشأن تعويم الدرهم، فالمخاطر التي قد تنجم عن هذه الخطوة تتطلب دراسة شاملة للسياق الاقتصادي، مع أخذ العبرة من التجارب الدولية التي قد تكون مفيدة في اتخاذ القرار الأنسب في الوقت المناسب.