الرباط-عماد المجدوبي
في سياق إقليمي يتسم بالتوترات المتزايدة، وعدم الاستقرار في منطقة الساحل، وتفكك التحالفات، والتنامي العسكري الجزائري، يعمل المغرب بخطى حثيثة على تطوير قدراته الدفاعية والاستعداد لمختلف الاحتمالات.
ذلك ما كشف عنه تقرير حديث متعدد الجنسيات بعنوان “رادار المغرب – تحديث الدفاع المغربي: الاستثمارات الإستراتيجية في الأمن”، الصادر عن مؤسسة “جيوبوليتيكال مونيتور” الكندية، بالشراكة مع مؤسسة كونراد أديناور الألمانية ومؤسسة الحوكمة والسيادة العالمية المغربية.
ترسانة متطورة من الأسلحة
لم يعد المغرب يقتصر على اقتناء الأسلحة التقليدية، وفق التقرير، بل بات يركز على أحدث الأنظمة الدفاعية. وقد حصلت المملكة على مروحيات أباتشي القتالية AH-64، وأنظمة طائرات بدون طيار متطورة، مثل 19 طائرة تركية من طراز “Bayraktar TB2″، القادرة على الطيران لمدة 27 ساعة وتوجيه الضربات، والتي تم نشرها بالفعل في جنوب البلاد.
كما حصل المغرب على طراز “Akinci” الجديد، الذي يتميز بقدرته على قطع مسافة 7500 كيلومتر وحمل كميات كبيرة من الذخائر الذكية.
ويؤكد التقرير أن “قدرة طائرة “Akinci” بدون طيار على التحمل، وقدرتها على العمل على ارتفاعات عالية، وقدرتها على دمج الأقمار الصناعية، تُحدث تغييرًا كبيرًا في الموقف الاستراتيجي للمملكة”.
ويُظهر المغرب اهتماماً بالجيل الأحدث من الأسلحة البرية والجوية، بما في ذلك 36 مدفعاً ذاتي الحركة من طراز Caesar الفرنسية، ومدافع هاوتزر “Atmos 2000” الإسرائيلية.
ومن المقرر أن تتسلم المملكة قريباً أنظمة “M142 HIMARS” المجهزة بصواريخ “ATACMS” من الولايات المتحدة الأمريكية. وعلى صعيد القوات الجوية، ينتظر المغرب تسلم طائرة “F-16 Block 70/72” المجهزة برادار “AESA APG-83” في عام 2027.
ووفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، بلغ الإنفاق العسكري للمملكة 5.5 مليار دولار أمريكي عام 2024، أي ما يعادل 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي.
إستراتيجية الاستقلال التكنولوجي والدبلوماسية الدفاعية
لا يكتفي المغرب بالاستيراد، بل يعتمد استراتيجية للاستقلال التكنولوجي. وقد تم التوصل إلى اتفاق مع شركة بايكار التركية لإنشاء مصنع لصيانة وتجميع الطائرات المسيرة في المملكة، بطاقة إنتاجية سنوية تصل إلى ألف وحدة.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، تنتهج القوات المسلحة الملكية سياسة الانفتاح المتعدد الأطراف.
يشمل ذلك التعاون التقني مع تركيا، والشراكة الاستراتيجية مع فرنسا، وتعزيز العلاقات الأمنية مع إسرائيل، والمشاركة الدائمة في التدريبات المشتركة مع الولايات المتحدة، واستضافة مناورات الأسد الأفريقي منذ عام 2007.
فجوات بحرية ورقمية تحتاج للمعالجة
على الرغم من هذه الجهود، يشير التقرير إلى وجود “فجوات بحرية ورقمية”. فبالرغم من طول سواحل المغرب البالغ 3500 كيلومتر، “لا يزال يفتقر إلى التجهيز الكافي من حيث الفرقاطات متعددة المهام، وسفن الدوريات البحرية، والقدرات المضادة للغواصات”.
ويحد هذا العجز من قدرته على نشر قواته البحرية وحمايته من الاتجار غير المشروع، مما يوصي باعتماد إستراتيجية بحرية مزودة بموارد حديثة لتأمين المياه الإقليمية، وخاصة قبالة مضيق جبل طارق.