أسامة بلفقير – الرباط
عبرت المملكة المغربية عن استيائها الشديد من الانتهاكات الخطيرة التي تضمنها البيان الصادر عن الاجتماع رقم 984 لمجلس السلم والأمن للاتحاد الأفريقي المنعقد يوم 9 مارس 2021، معربة عن رفضها القاطع لهذا البيان، ونأيها بنفسها تماما عن محتواه المثير للجدل وكذلك عن استنتاجاته ذات التوجه السياسي التي تم التحايل فيها من حيث الشكل والمضمون والتي تشكل سابقة خطيرة تهدد مستقبل الاتحاد الإفريقي.
وسجلت الرباط أن البيان تضمن انتهاكات خطيرة عبر محتواه الخاطئ لهذا الذي يعد ملغى وباطلا، معبرا عن رفضه التام اعتبار هذا البيان وثيقة رسمية للاتحاد الإفريقي خصوصا في ظل عقد مؤتمر القمة على الرغم من عدم ملاءمة توقيته والملاحظات التي أبدتها سبع دول أعضاء بهذا الشأن، وهو ما يكشف عن الأهداف السياسية الخفية، لخدمة أجندة معينة في تجاهل تام لقوانين الاتحاد الإفريقي وإجراءاته وقواعده. وحيث تم تغيير موعد هذه القمة، التي كان من المقرر عقدها في 25 مارس إلى تاريخ 09 مارس، عشية تولي القيادة الجديدة للمفوضية، والتي لم يتم إشراكها في تحضيرات هذه القمة أو في تحضير محتواها.
وإعتبرت المملكة أن جدول أعمال هذه القمة (متابعة تنفيذ الفقرة 15 من مقرر الدورة الاستثنائية 14 للاتحاد الأفريقي حول إسكات البنادق) تغرض للانتقائية (مراجعة فقرة واحدة من القرار من مجموع 19 فقرة) وعدم امتثال مفوض السلم والأمن للإجراءات المعمول بها. وفي الواقع، فإن القرار يرجع لرئيس مجلس السلم والأمن والدول الأعضاء لوضع جدول الأعمال، وليس للمفوض. وقد تم الاعتراض على هذا الانتهاك من طرف رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي خلال مؤتمر القمة، بصفته المشرف على احترام قواعد المنظمة وإجراءاتها.
وبناء على ذلك، شدد المغرب على ان مراجعة هذه الفقرة في جدول أعمال القمة، شكك في روح ونص القرار 693، الذي أنشأت بموجبه الترويكا، والتي تطلع حصرا بدراسة هذه المسألة وتقديم تقرير إلى المؤتمر، أو إذا اقتضى الأمر إلى مجلس السلم والأمن على مستوى رؤساء الدول. وجاء هذا القرار نتيجة لعملية تفاوض طويلة، مع جميع الأطراف المعنية، والتي سمح اعتمادها بالإجماع بإيجاد دينامية جديدة داخل الاتحاد وتجنب عرقلة سير العمل السليم للمؤسسة.
وتجدر الإشارة أيضا إلى أن الفقرة 15 من مقرر الدورة الاستثنائية 14 للاتحاد الأفريقي حول إسكات البنادق اتسمت في حد ذاتها بانتهاك صارخ لإجراءات هيئة التحرير، والتي لم تتمكن من التحقق من دقة استنتاجات الرئيس (بسبب خطأ في التسجيل) والتي فرضت على الرغم من اعتراض الدول السبع لهيئة التحرير.
وتعد سياسة الأمر الواقع هذه وانتهاك الإجراءات وراء البيان الصادر عن الدورة 984 للمجلس، التي فرضتها الرئاسة الكينية، لأغراض سياسية واضحة، في انتهاك صارخ وغير مسبوق للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في البروتوكول ودليل أساليب عمل المجلس، الذي أيده رؤساء الدول، وبالأخص الفقرتين 56 و57 منه.
ودعا المغرب اللجنة إلى تحمل جميع مسؤولياتها القانونية والامتثال لقواعد الاتحاد وإجراءاته ومعاييره القائمة حرصا على ضمان احترام القواعد والحفاظ على مصداقية المؤسسة والإبقاء على صحة العملية الحكومية الدولية.
وقد استرعت المملكة المغربية انتباه كل من المفوضية والرئاسة الكينية إلى المخاطر التي تنطوي عليها هذه المناورات، التي تهدف أساسا إلى تقسيم القارة الإفريقية، من خلال ممارسة الضغط مرة أخرى على المفوضية التي كثيرا ما كانت ضحية لها.
وأوضحت المملكة انه وفي الواقع، في الوقت الذي كانت فيه الدول الأعضاء تتوقع، وفقا لقواعد وإجراءات المجلس، عقد اجتماع للمجلس لاستعراض مشروع البيان، بعد إجراءي الصمت الذين انتهكتهما الأغلبية الساحقة من أعضاء المجلس، اختارت الرئاسة الكينية تجاوز ولايتها بإصدار بيان أحادي، مما يقوض مصداقية الهيئة الدائمة الوحيدة لصنع القرار في الاتحاد الإفريقي.
وفي حين أن الاتحاد الإفريقي الذي تم إصلاحه كان يهدف إلى الابتعاد عن سياسات الأمر الواقع والمناورات، وتحرير المنظمة الإفريقية من نير الأجندات الضيقة، يبدو أن بعض الأطراف تعيق تقدم الاتحاد عمدا بتبني بعض الممارسات المؤسفة التي تعرقل المسيرة نحو إفريقيا التي نريدها.
وجددت المملكة المغربية تأكيد التزامها المستمر بمواصلة الإسهام البناء في العمل الإفريقي المشترك والحرص على الامتثال بكل ما يلزم من صرامة لقواعد الاتحاد الإفريقي وإجراءاته، بهدف الحفاظ على مصداقية العملية الحكومية الدولية وإشعاع هذه المؤسسة.
يشار أن الدول الأعضاء في الاتحاد الافريقي، ضمنها المغرب، شددت خلال القمة 31 للاتحاد التي إنعقدت بتاريخ 1 و2 يوليوز 2018 بنواكشوط بموريتانيا (قرار 693) بشأن النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية على الاختصاص الحصري للأمم المتحدة للقضية تحت إشراف مجلس الأمن ورعاية الأمين العام للأمم المتحدة، من أجل إيجاد حل سياسي وواقعي وبراغماتي ومستدام لقضية الصحراء المغربية، والذي نص أيضا على إحداث آلية اللجنة الثلاثية (الترويكا) التابعة للاتحاد الإفريقي تضم الرؤساء الدوري والسابق واللاحق، ورئيس لجنة الاتحاد الإفريقي، تهدف تقديم الدعم الفعال للجهود المبذولة تحت إشراف الأمم المتحدة.