الرباط-متابعة
صدر بحر هذا الأسبوع النسخة العربية لكتاب المفكر المغربي د. عبد الله بوصوف “صناعة الخوف، الإسلام والإعلام في الغرب” عن المركز الثقافي للكتاب ببيروت، وهو كتاب يفكك من خلاله صناعة الخوف من الإسلام والمسلمين في الغرب، عبر بحث أركيولوجي في سريات الغرب الثقافية والإعلامية، واضعا تحت المجهر الإعلام الغربي في تعاطيه مع الإسلام.
وبالنظر إلى كونه مؤرخا بالدرجة الأولى، ومطلعاً على سيرورة بناء المعلومة وثقافة الإخبار والتداول الصحفي والإعلامي بالغرب منذ مطلع الحداثة، فقد مارس بلغة تحليلية أركيولوجيا الإعلام وعلاقاته بقوى اليمين المتطرف، والكتاب والباحثين الذين يدورون في فلكها، وإذا كان الكتاب في تناوله للإعلام وثقافته يكشف زيف مفهوم الحياد والموضوعية في الصحافة الغربية، فإن اشتغال عبد الله بوصوف هذا لا ينفصل عن أركيولوجيا السلطة والسياسة بالغرب، ولربما نجد فيما خصه به الأنثربولوجي المغربي د. عياد أبلال الذي ترجم الكتاب إلى اللغة العربية، ما يفيد أهمية الكتاب بالنسبة إلى الباحثين في مجالات الفكر والسياسة والإعلام، وعموم المهتمين بنقد الحداثة وسرديات الغرب الكبرى.
يكتب د. عياد أبلال في تقديمه للكتاب، ما يلي: إن كتاب(صناعة الخوف، الإسلام والإعلام في الغرب)، يكشف بشكل تفكيكي موضوعي إلى حد كبير زيف شعارات الغرب، وأوروبا تحديداً، بالنظر إلى تجربة المفكر عبد الله بوصوف الميدانية، والتي من خلالها عاش وعايش تجارب صدامية غربية- إسلامية، وغربية- مسيحية- عربية، فقد كان أحد أهم الرموز الجمعوية والمدنية والفكرية في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، وأحد الهامات التي سهرت لأزيد من عقدين من الزمن من أجل بناء مسجد ستراسبورغ الكبير، كما خَبِر مختلف التجارب السياسية لفرنسا يمينها ويسارها، وترافع إلى جانب نخبة مغربية ومغاربية من أجل قضايا المهاجرين العادلة.
ولكونه أحد المطلعين على خفايا الأمور وتمظهراتها الصاعقة، النافية للاختلاف الثقافي في بلدان تدعي العلمانية والحداثة، فقد جاءت أفكاره، من خلال كتبه: (صناعة الخوف)، و(في مواجهة المرآة، من أجل سياسة عمومية لصورة المغرب)، و(الغرفة: 305، مخاض الولادة الثانية)، و(الإسلام والمشترك الإنساني)… إلخ، وهي إصدارات تُرجمت إلى عدد من اللغات، من قبيل: العربية- الفرنسية- الانجليزية- الإسبانية، أو من خلال مقالاته وندواته وتصريحاته سواء في الإعلام العربي أو الفرنسي، تنديداً صريحاً بهذه الحداثة التي تم اغتيالها في عقر دارها وبأيدي أهلها، وتفكيكاً لمفاهيم العلمانية، والحداثة، والاختلاف، والتعدد الثقافي، والتنوع الإثني…إلخ، حيث يتبدى جلياً من خلال مختلف هذه الكتابات أن مجتمعات ما بعد العلمانية باتت تعيش أيامها الأخيرة، قبل أن توارى الثرى، والمتهم مع سبق الإصرار والترصد، هو الإسلام والمسلمين.
من هنا، يمثل عبد الله بوصوف، أحد المفكرين المغاربيين والعرب الذين يُفسدون على الغرب حفلاته التنكرية، مصادقاً على ما اعتبره “بيير بورديو” من أن وظيفة المثقف هي إفساد الحفلات التنكرية على الناس. ولهذا كما يدلي بذلك “بورديو” نفسه، وفي أكثر من مناسبة، يصبح أمثال هذا المثقف محارباً من قِبل الإعلام والإعلاميين، لطالما رجَّ الرأي العام واستنهض قدرته على محو الزيف وتفكيك الضلالات، وعلى رأسها ادعاء الحداثة والاختلاف، في الوقت الذي يغط هذا الغرب، أخلاقياً وقيمياً، في سبات عميق.
الكتاب حاضر في معرض الرياض بالعربية السعودية بجناح المركز الثقافي للكتاب من 28 شتنبر إلى 7 أكتوبر 2023.