24 ساعة-متابعة
أحيت المنظمة الديمقراطية للشغل احتفالات فاتح ماي 2025، تحت شعار، “اليد التي تبني الوطن تستحق أن تعيش فيه بكرامة”، مؤكدة أن هذه الذكرى الأممية ليست فقط مناسبة للاحتفال، بل لحظة نضالية لمساءلة السياسات العمومية حول واقع الطبقة العاملة بالمغرب، وتجديد الدعوة لإصلاحات جذرية تضمن كرامة المواطنين والمواطنات.
في كلمته بالمناسبة، ذكر الكاتب العام للمنظمة بجذور هذا العيد العالمي الذي انطلق من نضالات عمال شيكاغو سنة 1886، والذين دفعوا حياتهم ثمنا لمطلب بسيط، وهو تقليص ساعات العمل إلى ثماني ساعات، ومن تلك اللحظة، تحول فاتح ماي إلى رمز أممي لتاريخ طويل من النضال العمالي، ومناسبة متجددة لتقييم المكاسب واستشراف الآفاق.
وتوقف الكاتب العام عند العلاقة الجدلية بين العمل والكرامة، مؤكدا أن العامل هو الفاعل الأساسي في أي عملية بناء وتنمية، وأن ما يقدمه من عرق وجهد لبناء الوطن، لا بد أن يقابل بحقوق تضمن له حياة كريمة.
وهي رسالة تتناغم مع التوجيهات الملكية السامية التي تضع الإنسان في قلب أي نموذج تنموي، وتؤسس لعدالة اجتماعية حقيقية تشمل الجميع.
وفي هذا السياق، شددت المنظمة على أن تحقيق الكرامة يمر حتما عبر تحسين الأوضاع المعيشية للطبقة العاملة، حيث دعت إلى رفع الحد الأدنى للأجور والمعاشات إلى 6000 درهم شهريا، وربطها بمستويات الغلاء والتضخم، بالإضافة إلى الزيادة الفعلية في أجور ومعاشات المتقاعدين، وصون الحقوق المكتسبة، لا سيما في ملف التقاعد، الذي طالته في السنوات الأخيرة إصلاحات مجحفة في نظر النقابات.
وفي مواجهة موجة الغلاء التي أثقلت كاهل الأسر، طالبت المنظمة بإقرار عدالة جبائية فعلية، تفرض ضرائب تصاعدية على الثروات الكبرى، وتوجه عائداتها نحو تمويل الخدمات الأساسية، وعلى رأسها الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية.
كما شددت على ضرورة التصدي للفساد والاحتكار والريع، باعتبارها عوائق حقيقية أمام التنمية وتكافؤ الفرص.
وبخصوص ملف التشغيل، وجهت المنظمة انتقادات لبرامج التشغيل السابقة، التي وصفتها بالفاشلة والمكلفة، داعية إلى محاسبة القائمين عليها، مع تقديم بدائل عملية قائمة على دعم التشغيل المباشر، وإلغاء القيود المجحفة على الولوج للوظيفة العمومية، خاصة شرط السن.
كما لم تغفل المنظمة وضعية الفئات الهشة، حيث دعت إلى وضع آليات فعالة لتعويض العاطلين عن العمل، وتوسيع التغطية الصحية والاجتماعية، وخلق دخل قار للعاملات المنزليات والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة، انسجاماً مع مقتضيات الورش الملكي الكبير للحماية الاجتماعية.
أما على مستوى الاقتصاد، فقد أكدت المنظمة أن دعم المقاولات الوطنية، وخاصة الصغيرة والمتوسطة، هو السبيل الأمثل لخلق الثروة وفرص الشغل، داعية إلى مراجعة السياسة الاستثمارية الحالية، وتوجيه التمويل العمومي نحو القطاعات المنتجة، وتفضيل الشركات الوطنية في الصفقات العمومية.
وخلصت المنظمة كلمتها بالدعوة إلى حماية الحقوق النقابية، وتحديث القوانين الاجتماعية بما يتماشى مع المعايير الدولية، وتمكين الشغيلة من ظروف عمل عادلة ومحفزة، معتبرة أن كرامة العامل هي ركيزة الاستقرار والسلم الاجتماعي، وأساس أي مشروع مجتمعي عادل.