سناء الجدني-الرباط
عرف المغرب منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، تدفق آلاف المهاجرين الغير نظاميين من مختلف دول جنوب الصحراء، سواء عبر الحدود الموريتانية المغربية، أو عبر الشريط الحدودي الفاصل بين المغرب والجزائر، دون الحديث عن المهاجرين الذين يدخلون التراب الوطني بطرق قانونية عبر الرحلات الجوية وخاصة مواطني الدول الذين لا يحتاجون لتأشيرة لدخول الأراضي المغربية.
وأن غالبية المهاجرين يعتبرون المغرب مجرد نقطة عبور في إنتظار معانقة الفردوس المفقود، حيث ظلوا يتخذون من الغابات المجاورة للمدن مأوى لهم خوفا من المطاردات الأمنية، ويعتمدون في معيشتهم على التسول بالمقاهي والمطاعم والشارات الضوئية، بهدف جمع المبالغ المالية المطلوبة لركوب قوارب الموت من أجل بلوغ الضفة الشمالية.
ومع توالي السنين، وعلى إثر إعلان المغرب على إدماج المهاجرين الغير نظاميين في المنظومة الاجتماعية، تحولت أحوال المهاجرين وصار بإمكانهم الحصول على أوراق الإقامة والتجول بكل حرية داخل ربوع الوطن، وصار بإمكانهم إيجار السكن والاستفادة من التعليم والتطبيب وولوج سوق الشغل وغيرها من الامتيازات الأخرى.
1 – الهجرة نحو المغرب
على إثر تداعيات الربيع العربي التي شهدته مختلف الدول العربية خلال سنة 2011، عرف المغرب موجة جديدة من الهجرة الغير نظامية نحو المغرب، ويتعلق الأمر بآلاف الأسر السورية الهاربة من الحرب الأهلية التي عرفها هذا البلد، حيث تم استقبال الأسر السورية من طرف المواطنين المغاربة بترحاب كبير لعدة اعتبارات منها بعض القواسم المشتركة التي تجمع بين الشعبين من قبل الدين واللغة والقومية العربية، تعاطف استغلته معظم الأسر السورية في الإستنجاد والتسول، حيث تمكنت هذه الأسر من جمع مبالغ مالية خيالية لدرجة أن بعض المتسولين المغاربة بدأوا في انتحال صفة مهاجرين سوريين لكسب تعاطف المغاربة.
2 – السودانيون الخطر القادم
تعد هجرة المواطنين السودانيين إلى المغرب حديثة جدا بالمقارنة مع باقي المواطنين المتحدرين من دول جنوب الصحراء، إذ كان السودانيون يتخذون من ليبيا قاعدة خلفية لمعانقة الفردوس المفقود، قبل أن يحولوا وجهتهم نحو المغرب نتيجة المشاكل الأمنية التي تتخبط فيها ليبيا، إضافة إلى سوء المعاملة التي يلاقيها من قبل السلطات وحتى المواطنين الذين لا يترددون في استغلالهم بالحقول والأعمال المنزلية بثمن بخس وفي أحيان عديدة دون مقابل.
الأمر الذي دفع بالمئات من السودانيين إلى تغيير الوجهة نحو المغرب، بعد تمهيد الطريق أمامهم من قبل السلطات الجزائرية التي تسعى بكل ثقلها إغراق المغرب بالمزيد من المهاجرين الغير نظاميين، وما قد يترتب عن ذلك من مشاكل عويصة بغاية إحراج المغرب أمام المنتظم الدولي.
المهاجرون السودانيون بطبعهم يتميزون بسلوك عدواني شديد عكس المهاجرين الآخرين، ويعود السبب بالأساس أن معظمهم كان ينتمي لبعض المليشيات المسلحة التي تنشط بالبلد.
3-عصابات تهريب البشر
وخير دليل على ذلك الحادث المؤلم الذي حصل يوم 24 يونيو الماضي الذي شهده المعبر الحدودي لمدينة مليلية المحتلة، حيث بينت كل الأبحاث والتحريات التي باشرتها المصالح الأمنية المختصة أن غالبية المتورطين في هذه الأحداث يحملون الجنسية السودانية، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل أصبحوا يكونون عصابات إجرامية متخصصة في تهريب البشر نحو الشواطىء الإسبانية، والتحضير لاقتحام جديد للسياج الحدودي لمدينة مليلية المحتلة، حيث تم العثور لديهم على مجموعة من الوسائل والأدوات التي يتم الاعتماد عليها لتسلق السياج الحديدي.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل وصل إلى إدخال السلاح الناري إلى المغرب، كما حصل خلال الأسبوع الماضي، حيث تمكنت عناصر تابعة للقوات المسلحة الملكية المكلفة بحراسة الشريط الحدودي الفاصل بين المغرب والجزائر، من إيقاف مواطن سوداني على مستوى منطقة رأس عصفور حوالي 15 كيلومتر جنوب مدينة وجدة وبحوزته كمية من الرصاص.