المهدي عربة
في خضم التحولات الاقتصادية التي تشهدها البلاد، يبدو أن الحكومة المغربية تتجه نحو تغيير جذري في نهجها الاقتصادي، حيث يشير الدعم المباشر إلى بوادر انسحاب تدريجي من التدخل التقليدي في السوق ، هذا التوجه قد يحمل في طياته تداعيات اجتماعية واقتصادية خطيرة، إذ يبدو أن الحكومة تستعد لترك الساحة الاقتصادية بدون تدخل، مما قد يؤدي إلى خلق بيئة تنافسية غير متكافئة، حيث يواجه المواطنون ضغوطًا متزايدة للبقاء على قيد الحياة في سوق تتسم بعدم الاستقرار والعدالة.
الدعم المباشر الذي يتم تقديمه للفئات الأكثر هشاشة كتعويض عن الارتفاعات المتواصلة في أسعار المواد الأساسية، قد يُنظر إليه كخطوة أولى نحو تقليص دور الدولة في ضبط السوق وحماية المستهلك ، هذا التوجه يفتح الباب أمام احتمالية أن تتخلى الدولة عن مسؤولياتها الاجتماعية، مما يعرض الفئات الضعيفة لمزيد من التهميش والفقر.
في ظل هذه الظروف يتصاعد الخوف من أن يؤدي هذا النهج إلى تعزيز الفوارق الاجتماعية والاقتصادية بين طبقات المجتمع. فالقدرة الشرائية للمواطنين خاصة من الفئات المتوسطة والفقيرة قد تتآكل بشكل أكبر بينما تتزايد ثروات الفئات الأكثر غنى، مما يخلق بيئة اقتصادية غير متوازنة قد تصل إلى حد “أكل المغاربة بعضهم بعضًا”.
إن هذه السياسات قد تكون موجهة لتحرير الاقتصاد من قيود التدخل الحكومي، ولكن الثمن الاجتماعي والإنساني قد يكون باهظًا ، ما لم يتم تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي وإعادة النظر في دور الدولة في حماية المستهلك، فإن النتيجة قد تكون خلق مجتمع يفتقر إلى التضامن ،حيث يتخلى الأقوياء عن الضعفاء في صراع من أجل البقاء.
في النهاية، يتعين على الحكومة أن تعيد النظر في هذا التوجه وأن تبحث عن توازن بين تحرير الاقتصاد وحماية الفئات الأكثر ضعفًا ، فدولة بدون تدخل فاعل في السوق قد تساهم في تعزيز النزاعات الاجتماعية وتقويض استقرار المجتمع على المدى الطويل.