الدار البيضاء-عماد مجدوبي
يعتبر مسار الوالي محمد مهيدية حافلا بالإنجازات على مدة سنوات، في السلطة والتنمية، حيث تجده حريصا على أن يربط مهامه بتطوير المناطق، مجسدا بذلك المفهوم الجديد للسلطة الذي أسس له الملك محمد السادس مع اعتلائه العرش.
فبين تخرجه سنة 1981 من المدرسة العليا لمعادن بفرنسا، وتعيينه واليا على جهة الدار البيضاء سطات سنة 2023، بصم الرجل على مسار استثنائي لرجل من الكفائة والصرامة ما يجعل يبث جرعات أمل كبيرة في تطوير العاصمة الاقتصادية للبلاد.
وولد الوالي محمد مهيدية في 8 أكتوبر 1954 بسيدي قاسم، وهو حاصل على دبلوم مهندس دولة من المدرسة الوطنية العليا للمعادن لـ”دووي” بفرنسا سنة 1981، ودبلوم المعهد العالي للإسمنت المسلح بمرسيليا سنة 1982.
بدأ مهيدية مساره الإداري بوزارة التجهيز، حيث تولى عدة مسؤوليات، كمهام مدير إقليمي للأشغال العمومية بإقليم أزيلال (1987-1993)، ومهام رئيس قسم بمديرية الطرق والسير على الطرقات ابتداء من سنة 1993، قبل أن يتولى، ابتداء من سنة 1996، مهام مدير شركة تهيئة سلا الجديدة.
رجل الميادين
حظي محمـد مهيدية بثقة الملك محمد السادس فعينه عاملا على عمالة الصخيرات -تمارة بتاريخ 11 دجنبر 2002.
حيث جدد الملك ثقته في شخص مهيدية، فعينه واليا لجهة تازة -الحسيمة -تاونات وعاملا على إقليم الحسيمة في 08 أبريل 2007، ثم واليا لجهة مراكش -تانسيفت -الحوز وعاملا على عمالة مراكش في فاتح مارس 2010، وهو المنصب الذي ظل يشغله إلى أن حظي مجددا بالثقة المولوية السامية، فعينه جلالته واليا للجهة الشرقية وعاملا على عمالة وجدة -أنجاد بتاريخ 10 ماي 2012.
وعلى إثر دخول التقسيم الإداري الجديد للمملكة حيز التنفيذ، تفضل الملك محمد السادس وجدد ثقته في الوالي محمد مهيدية، حيث عينه واليا لجهة الشرق وعاملا على عمالة وجدة -أنجاد بتاريخ 13 أكتوبر 2015، ثم واليا لجهة الرباط -سلا -القنيطرة، وعاملا على عمالة الرباط ابتداء من 25 يونيو 2017، فواليا على جهة طنجة -تطوان -الحسيمة وعاملا على عمالة طنجة -أصيلة ابتداء من 07 فبراير 2019.
ولأن الرجل يؤمن بأن العمل الترابي لا يمكن أن ينجح إلا من خلال العمل الميداني والمراقبة الصارمة لمختلف المشاريع، فقد تحول الرجل إلى “أيقونة” الزيارات المفاجئة والأسئلة الدقيقة التي تحرج الشركات والمسؤولين، بحكم معرفته الدقيقة بخبايا عمليات البناء وغيرها. ولذلك، فإن بعض الشركات كانت تنظر في الوالي مهيدية “كابوسا” في حال لم تلتزم بدفاتر التحملات.
خاض الوالي معارك كبيرة في مدن يعيش فيها نافذون من صنف خاص، وهنا الحديث مثلا عن مدينة طنجة والمعارك التي خاضها ضد لوبي العقار والبناء العشوائي، حيث أصدر تعليمات صارمة من أجل هدم البنايات غير المرخصة، وهو التوجه الذي نقله أيضا وهو يطير إلى جهة الدار البيضاء. فلا يمكن “غض البصر” اليوم وعدم مساءلة المسؤولين عندما تقع الكارثة.
أول مواجهة مع العمدة
من يعرفون مهيدية عن قرب يؤكدون أنه رجل تواصل بامتياز، وليس من صنف رجالات السلطة الذين يضعون “العصا في العجلة”، لكنه أيضا ليس من صنف الذين يباركون خرق القانون وتزكية من تحوم حولهم الشبهات.
ولذلك، فبعد أيام قليلة من تعيينه واليا على جهة الدار البيضاء سطات، سيقع أول اصطدام بين الوالي وعمدة البيضاء نبيلة الرميلي.
لقد رفض محمد مهيدية، والي ولاية الدارالبيضاء سطات، التأشير على قرار نبيلة الرميلي، رئيسة الجماعة الحضرية للدار البيضاء، رئيسة لقسم التعمير والإسكان والممتلكات بإدارة جماعة الدارالبيضاء.
وسجل مهيدية، في رسالة مسربة، أن المستثمرين تقدموا بشكايات حول ابتزازها لهم ومماطلتهم في انجاز تصاميم البناء، والوثائق الإدارية في الوقت المناسب. كان هذا أول اصطدام، أو بالأحرى أول رسالة بالواضح من الوالي إلى العمدة بأن مهمته هنا هي تنمية البلاد وتحسين ظروف عيش العباد، وليس تزكية من تحوم حولهم الشبهات لنيل المناصب.
خارطة طريق 2030
ونحن على أبواب محطة كبيرة ، وهي تنظيم مونديال 2030 مع إسبانيا والبرتغال، يبقى تعيين مهيدية على رأس الدار البيضاء ورقة قوية يتم الدفع بها من أجل تسريع مسلسل التحضير والتهيء. فالمغرب مقبل على عملية واسعة النطاق لتأهيل الملاعب والمدن التي ستستقبل المباريات والجماهير، ولذلك فإن مهمة رجال السلطة ستكون حاسمة في ضمان تنزيل مختلف الأوراش ومراقبتها عن كثب.
لكن قبل الوصول إلى محطة 2030، فهناك عدد من المشاريع الكبرى التي تحتاج تدخلا مباشر وحرصا خاصا من الوالي الجديد، وعلى رأسها مشروع المحطة الكبرى لتحلية المياه.
فمدينة الدار البيضاء تواجه أزمة حقيقية في الموارد المائية، وهو الأمر الذي لا يمكن تدبيره إلا من خلال هذه المحطة التي ستكون حلا جدريا يوفر على الأقل الماء الشروب للساكنة، في أفق أن يتم وضع حلول ناجعة للماء الموجه للزراعة.
وكان وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت أعلن، خلال تنصيب مهيدية، أن الوالي الجديد يعول عليه كثيرا في المرحلة المقبلة لإنجاح المشاريع الكبرى المبرمجة لقاطرة المغرب الاقتصادية بما فيها برنامج “تنمية الدار البيضاء الكبرى” الذي سبق وأن رُصد له اعتماد مالي يصل إلى 33.5 مليار درهم توزعت على 243 مشروع، مشيرا إلى أن من بين المشاريع التي يعول على الوالي الجديد السهر على انجازها، مشروع إنشاء محطة تحلية ماء البحر وتحسين البنية الطرقية بين الدار البيضاء والنواصر وتهيئة طريق مطار محمد الخامس، مشروع تهيئة المطرح الجديد للنفايات وغيرها من المشاريع بما فيها معالجة مشكل البنايات الآيلة للسقوط .