أسامة بلفقير
اعتبر صلاح الوديع، أن الوثائق الخاصة بجلسات الاستماع، التي نظمتها هيئة الإنصاف والمصالحة بعد تشكيلها، هي شكل من أشكال التوثيق للذاكرة الجماعية للمغاربة، وتدوين لمرحلة مهمة من تاريخ المغرب المعاصر.
وقال الوديع، الكاتب والشاعر، في لقاء نظم ضمن فعاليات الدورة 23 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء في موضوع “الكتابة وحفظ الذاكرة الجماعية”، إن هذا الجنس من الكتابة، أو ما أسماه الشاعر ب “الذاكرة الصعبة” أو “ذاكرة الألم”، ظهر من خلال تعبيرات أدبية متعددة تنوعت بين الشعر والسيرة الذاتية والرواية، مبرزا أن الشهادات التي تم استيقاؤها من شهود عاينوا الوقائع المؤرخ لها داخل هيئة الإنصاف والمصالحة، هي في حد ذاتها مادة استرجاعية لها أهميتها البالغة سواء كمادة تاريخية، أوكمتون يمكن الاشتغال عليها فنيا
.وأضاف في السياق ذاته، أن أهمية تدوين واسترجاع مشاهد من محطات عصيبة، عاشها أفراد في أماكن مختلفة، لكن بتفاصيل متشابهة، تكمن في دورها العلاجي، عبر “دفع الألم إلى الخارج”، قائلا “حينما يعاني أحدنا لوحده، ويريد أن يعبر، فإن ذلك التعبير يكون له وقع علاجي، وحينما نستطيع أن نخرج معاناتنا بطريقة من الطرق إلى خارج ذواتنا، فذلك يكون جزءا من الحل”.
وسجل أن هذا الدور العلاجي ينضاف إلى أدوار أخرى، تتمثل على الخصوص في تعريف فئات من المجتمع بحقب مهمة من تاريخ المغرب المعاصر، والتوثيق لهذه الحقب التاريخية برؤى متقاطعة، وتدعيم المصالحة والسلم الاجتماعي، مشيرا هنا إلى ضرورة التمييز بين الأديب المتبحر في ذاتيته، والمؤرخ الذي يتعاطى مع الوقائع وفق مناهج علمية موضوعية تعتمد بالأساس على تعددية المصادر.ودعا صلاح الوديع إلى تحويل الأماكن، التي بصمت “بألم” ذاكرة المغاربة، والتي ارتبط اسمها بمراحل عصيبة من حياتهم، إلى مؤسسات ثقافية، من أجل طي صفحة الماضي ورد الاعتبار لهذه الأماكن.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا اللقاء، الذي نظم مساء أمس الخميس، حاول من خلاله المنظمون طرح مجموعة من القضايا التي تخص الكتابة في علاقتها بالذاكرة، باعتبار أن إعادة إخراج ما خزنته الذاكرة في شكل أعمال أدبية وفنية، هو إحياء لهذه الذاكرة وضمان لاستمراريتها في المستقبل