محمد واموسي
تمكنت وكالة بيت مال القدس التي يرأسها المغرب و يمول نشاطاتها و مشاريعها بالكامل من إنقاذ باب المغاربة، أحد أبواب الحرم القدسي الشريف من خلال تمويل أشغال جسر البوابة تحت اشراف دائرة الوقف الاسلامي في القدس
خلال زيارتي الأخيرة للقدس الشريف وقفت على هذه الأشغال و غيرها من أعمال ترميم معالم القدس و مكافحة تهويدها بالمحافظة على طابع معمارها الإسلامي بإشراف و تمويل من المغرب،و عبر لجنة القدس التي يرأسها الملك محمد السادس، و بيت مال القدس التابع لها
باب المغاربة أو “باب مراكش” كما يسميه سكان الحارة المغربية في القدس، معلمة تاريخية خلدها المجاهدون المغاربة الذين حاربوا إلى جانب الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي، و سميت بإسم المغاربة لنسبهم للمملكة المغربية، بعد أن أرسل سلطان المغرب آنذاك يعقوب المنصور الموحدي أسطولا ضخما مكونا من من مئة و ثمانين قطعة بحرية لمنع الصليبيين من الوصول إلى سواحل الشام لحماية القدس بعدما استنجد به صلاح الدين الأيوبي
الأساطيل الجهادية البحرية آنذاك كانت من إختصاص المغرب في عهد السلطان المغربي يوسف يعقوب المنصور الموحدي، و كانت جاهزيتها تفوق ما لدى مصر و الشام عددا و قوة عسكرية
و كانت أخبار انتصارات الأساطيل المغربية في الأندلس شائعة في كل العالم، فوصل صداها لملك الدولة الأيوبية صلاح الدين الأيوبي، ما جعله يعقد العزم على مراسلة سلطان المغرب المنصور الموحدي من أجل مساعدته على سد الثغور البحرية على النصارى في الشام و ذلك لأن البحرية المصرية و الشامية لم تكن بالمستوى المطلوب.
أرسل صلاح الدين الأيوبي سفيره بن منقذ إلى المغرب للقاء الخليفة المنصور، و حينما وصل إلى مدينة فاس كان السلطان المغربي حينها في الأندلس و انتظر عودته منها، و خلال اللقاء سلمه بعض الهدايا من صلاح الدين الأيوبي و معها رسالة خاصة تناشده المساعدة،لكن سلطان المغرب رفض الطلب لأنه وجد في الرسالة بعض الجفاء في عدم مخاطبة صلاح الدين الأيوبي له ب “أمير المؤمنين” فعاد بعدها سفيره بن منقذ خائبا
لكن السلطان المغربي يعقوب المنصور الموحدي سرعان ما تراجع عن قراره بعد مدة من التفكير، و أرسل أسطولا مغربيا عرمرما مكونا من 180 سفينة من السواحل المغربية محملة بالأسلحة والذخائر والعتاد وعلى متنها آلاف المتطوعين المغاربة،و شكل الأسطول المغربي لوحده 20 في المائة من الجيوش التي خاضت معركة حطين عام 1187 ميلادية ، و كان قائد الأسطول المجاهد المغربي ابن مدينة فاس،و كان جل المقاتلين المغاربة ينحدرون من مدن فاس و مراكش و مكناس و طنجة و سبتة و غيرها من المدن المغربية
بعد الإنتصارات المبهرة التي حققها الأسطول المغربي و مكنت من تحرير القدس،قرر صلاح الدين الأيوبي مناشدة من يريد من المغاربة المكوث في القدس و خصص لهم حارة بكاملها، و بوابة من بوابات الحرم القدسي تحمل اسم المغاربة، و قال قولته الشهيرة : “أسكنت هناك في مكمن الخطر على القدس حيث الأرض اللينة، أسكنت قوما يثبون في البر و يفتكون في البحر، اسكنت من استأمنتهم على بيت الله، اسكنت المغاربة”
المغرب له في القدس مكان و زمان، و له تاريخ و بصمة كبيرة في طريق تحرير بيت المقدس،و سيظل دائما مدافعا عن المدينة و طابعها الإسلامي، لحمايتها القدس من مخططات تهويدها و طمس معالمها الإسلامية في مقدمتها حارة و باب المغاربة