24 ساعة ـ متابعة
يتعارض الموقفان الأمريكي والفرنسي من الصراع في النيجر. فكل منهما تستخدم نبرة مختلفة عن الأخرى لوصف الأوضاع في المنطقة. منذ حدوث الانقلاب في 26 يوليوز الماضي.
في ذات السياق يبدو أن الخلاف بين الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا. بخصوص كيفية تسوية الأزمة السياسية في النيجر عقب الإطاحة بالرئيس محمد بازوم أواخر شهر يوليوز الماضي من طرف المجلس العسكري الحاكم قد طفا إلى السطح. رغم تأكيد الناطقة باسم الخارجية الفرنسية. أن بلادها “تنسق بشكل وثيق مع الشريك الأمريكي الذي يتقاسم معنا هدف إعادة النظام الدستوري في النيجر”.
وترى فرنسا أن واشنطن بموقفها هذا تقوم بعرقلة جهودها في إعادة الرئيس المخلوع محمد بازوم إلى منصبه. وأعطى بالمقابل المجلس العسكري. غطاء سمح له برفض كل النداءات للتخلي عن الانقلاب وإعادة السلطة للرئيس بازوم.
واشنطن حريصة على حماية مصالحها في النيجر أكثر من حرصها على عودة بازوم، وهو ما يفسر ترددها في إعلان موقف حاسم ونهائي تجاه الانقلاب العسكري. كما أن وجود بعض رجالها الأقوياء في السلطة العسكرية الجديدة في نيامي. قد يعزز حظوظها في علاقة تفضيلية مع الحكام الجدد.
ويعتقد دبلوماسيون في الرئاسة والخارجية الفرنسية أن مساعي تسوية الأزمة في النيجر واستعادة النظام الدستوري. وإعادة بازوم إلى السلطة تبقى متعثرة وغير قابلة للتنفيذ إذا لم تلق دعما أمريكيا. فباريس لم تستسغ بعد “الطريقة الناعمة” التي تتعامل بها واشنطن مع الانقلابيين. بعد جلوس مساعدة وزير الخارجية، فيكتوريا نولاند، على الطاولة مع الانقلابيين في نيامي دون التنسيق مع فرنسا، وكذا إعلان واشنطن أن سفيرتها الجديدة لدى النيجر، كاثلين فيتزجيبون، ستصل إلى نيامي. وهذا ما دفع أحد المسؤولين العسكريين الفرنسيين إلى وصف هذه الخطوات بأنها “طعنات أمريكية متلاحقة” في ظهر فرنسا.
تجدر الإشارة كذلك إلى أن واشنطن تتحاشى وصف ما يحدث في النيجر بـ”الانقلاب”. كما لا تطالب بإعادة بازوم إلى السلطة. بل تتحدث فقط عن الإفراج عنه وعن ظروف اعتقاله.
ويذهب تحليل المتابعين للملف إلى أن واشنطن ستستفيد من بعض المعطيات ومنها العلاقة التي تربطها ببعض قادة الانقلاب. إذ استفاد بعضهم من تدريبات في أمريكا بمن فيهم قائد الانقلاب، محمد عبد الرحمن تياني. وهي ورقة ستسعى واشنطن للبناء عليها والاستفادة منها.
و تضيف ذات المصادر أن صناع القرار في الولايات المتحدة، عكس العديد من حلفائهم الأوروبيين ومنهم فرنسا. يسعون إلى احتواء الانقلابيين في النيجر. إذ يبدو أن حديثهم عن استعادة النظام الدستوري يعني أنهم سيقبلون بفترة انتقالية تتيح للعسكريين التحول إلى مرشحين مدنيين. وتنظيم انتخابات تفضي إلى تعيين رئيس جديد للبلاد.
ويقول مراقبون في باريس أن فرنسا تدرك جيدا جيداً أنها في طريقها إلى خسارة آخر معاقلها في منطقة الساحل الإفريقي. وهي خسارة لن يكون أصعب منها سوى الاعتراف بحصولها.
كما أن هذا الإعتراف قد لا يحصل لفظياً بل سيترجمه عملياً اضطرار باريس إلى سحب 1500 من جنودها ما زالوا يتمركزون في النيجر. وما زالت فرنسا تقول إنها لن تسحبهم لأنهم موجودون بناءً على الاتفاقيات الموقعة مع السلطات الشرعية في النيجر. والمقصود هنا الرئيس بازوم وحكومته.الذي تتضاءل يوما عن يوم فرص عودته الى سدة الحكم في النيجر.