24 ساعة-متابعة
في ظل تزايد التحديات المرتبطة بأزمة الجفاف. أطلقت السلطات المغربية برنامجًا وطنيًا لتجميع وتثمين مياه الأمطار. بهدف تعزيز الأمن المائي ومواجهة آثار التغيرات المناخية. ويشكل هذا المشروع أحد ركائز السياسة المائية الجديدة التي تسعى إلى تحقيق استدامة الموارد وتدبير عقلاني للثروات المائية.
ويرتكز البرنامج على إنشاء أنظمة حديثة لتجميع مياه الأمطار من أسطح المؤسسات التعليمية، وتزويدها بخزانات مخصصة لتخزين هذه المياه. مع اعتماد نماذج للتغذية الاصطناعية للفرشات المائية في عدد من المناطق.
تأمين حاجيات الساكنة
ويشمل المشروع مناطق متعددة بالمملكة، خصوصًا التي تعاني من تراجع حاد في التساقطات. حيث يُرتقب أن يساهم في تأمين حاجيات الساكنة من الماء وتحسين شروط العيش، خاصة في الوسط القروي.
يواجه المغرب منذ سنوات تحديات بيئية خطيرة، يأتي في مقدمتها تفاقم ظاهرة الجفاف ونقص الموارد المائية، مما أصبح يهدد الأمن المائي والغذائي للبلاد. في ظل هذه الوضعية الحرجة، برزت الحاجة إلى اعتماد حلول مبتكرة ومستدامة، وعلى رأسها إطلاق برنامج وطني لتجميع مياه الأمطار كآلية فعالة لتعزيز احتياطي المياه ومواجهة آثار الجفاف.
يهدف هذا البرنامج إلى استغلال مياه الأمطار التي عادة ما تهدر، عبر إنشاء خزانات، وبرك مائية صغيرة، وصهاريج لتخزين المياه في مختلف المناطق، خاصة القروية والجبلية. كما يشمل تشجيع استخدام تقنيات حديثة لتجميع المياه في المباني العامة كالمدارس والمراكز الصحية، مما يساهم في توفير مياه الشرب والري بشكل منتظم خلال فترات القحط.
يمثل هذا المشروع الوطني خطوة مهمة نحو تحقيق التنمية المستدامة، إذ يسهم في تخفيف الضغط على السدود والفرشات المائية، ويحمي الأنشطة الفلاحية التي تعد مصدر رزق رئيسي لعدد كبير من المغاربة. كما يعزز البرنامج وعي المواطنين بأهمية ترشيد استهلاك المياه والحفاظ على البيئة.
من بين الآليات التي يعتمدها البرنامج أيضًا، تشجيع البحث العلمي والابتكار في مجال تقنيات تجميع وتخزين المياه، بالإضافة إلى تحفيز الجماعات المحلية على إدماج هذه الحلول ضمن مشاريعها التنموية. وقد شرعت العديد من القرى والبلدات المغربية في إنشاء صهاريج لتجميع الأمطار، مما ساعد على توفير الماء للأنشطة الزراعية وساكنة المناطق النائية.
التحديات التي تواجه برنامج تجميع مياه الأمطار
رغم أهمية هذا البرنامج وأهدافه النبيلة، إلا أنه يواجه عدة تحديات قد تعرقل تحقيق نتائجه المرجوة. من أبرز هذه التحديات، ضعف البنية التحتية في بعض المناطق القروية، مما يصعب إنشاء وتجهيز مرافق تجميع المياه بشكل فعال. كما أن قلة الوعي لدى بعض المواطنين بأهمية استغلال مياه الأمطار يجعل الاستفادة من هذه المبادرات محدودة في بعض الجهات.
يضاف إلى ذلك التحديات المرتبطة بتغير المناخ نفسه، إذ أن التوزيع الزمني والمكاني للأمطار أصبح غير منتظم، مما يؤثر على كميات المياه التي يمكن تجميعها. كما أن ضعف التمويل أحيانًا أو طول المساطر الإدارية قد يؤخر تنفيذ بعض المشاريع الحيوية.
لهذا، يحتاج البرنامج إلى جهود متكاملة تشمل التوعية، توفير الدعم المالي والتقني، وتبسيط الإجراءات الإدارية لضمان نجاحه على أوسع نطاق ممكن.
جدير بالذكر أن البرنامج يحظى بدعم ملكي كبير، حيث دعا الملك محمد السادس في عدة خطب إلى ضرورة اتخاذ تدابير عاجلة وفعالة لضمان الأمن المائي، من خلال تعبئة جميع الموارد الممكنة بما فيها مياه الأمطار. كما تشرف وزارة التجهيز والماء، بشراكة مع الوكالة المغربية للأمن المائي ووزارة الفلاحة، على تنزيل هذه المشاريع في الميدان، بدعم من المجتمع المدني والقطاع الخاص.
في الختام، فإن تجميع مياه الأمطار ليس مجرد إجراء تقني، بل هو خيار استراتيجي لضمان مستقبل مائي آمن للمغرب. ومن هنا، يجب دعم هذا البرنامج بكل الوسائل الممكنة، من خلال تعبئة كل الفاعلين، سواء كانوا مؤسسات رسمية أو مجتمعا مدنيا أو مواطنين عاديين، لضمان نجاحه واستمراريته. فالماء هو سر الحياة، وحمايته مسؤولية الجميع.