24 ساعة ـ عبد الرحيم زياد
حذرت صحيفة “ذي هيل” الأمريكية، في تقرير تحليلي موسع، من أن مشاريع السدود الجديدة التي يخطط المغرب لإنشائها بالقرب من حدوده مع الجزائر قد تؤدي إلى أزمة إقليمية خطيرة.
وتأتي هذه التحذيرات في ظل غياب العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وتفاقم ضغوط التغير المناخي، وتراجع الموارد المائية في شمال أفريقيا.
تهديد الإمدادات المائية ومناطق حيوية
أشار التقرير إلى أن الرباط شرعت في تنفيذ سلسلة من السدود الضخمة بين عامي 2026 و2029، ضمن استراتيجيتها لمواجهة الجفاف المتكرر. ومع ذلك، فإن هذه المشاريع، وخصوصًا أحد السدود المزمع إنشاؤه على بعد أقل من 30 كيلومتراً من الحدود الجزائرية والذي سيحجز حوالي 35 مليار قدم مكعب من المياه، تُهدد بقطع الإمدادات المائية عن مناطق جزائرية حيوية.
ومن المتوقع أن يؤثر هذا السد بشكل مباشر على “وادي الساورة”، الذي تعتمد عليه ولايتا بشار وتندوف في الجزائر للحصول على مياه الشرب والزراعة والصناعة. وتُعد مدينة بشار، الواقعة على بعد 60 كيلومتراً من موقع السد، مركزاً حضرياً متطوراً يضم جامعة تضم 15 ألف طالب، ومستشفى للأورام، وخدمات متكاملة من كهرباء وإنترنت وغاز، وكلها معرضة للتهديد جراء التغير في تدفقات المياه، وفقاً لـ “ذا هيل”.
غياب الدبلوماسية يفاقم الأزمة البيئية إلى جيوسياسية
تمنع القطيعة الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب، منذ إعلانها رسميا في عام 2021، إجراء أي محادثات مباشرة أو مفاوضات بشأن الاستخدام العادل للمياه العابرة للحدود. ويحول هذا الوضع، بحسب الصحيفة، أزمة بيئية محتملة إلى أزمة جيوسياسية معقدة قد تفضي إلى مواجهات غير محسوبة العواقب.
وأضاف التقرير أن الجيش الجزائري أجرى في مايو الماضي مناورات عسكرية قرب الحدود مع المغرب، شاركت فيها دبابات ومروحيات هجومية وصواريخ محمولة، وذلك على بعد أقل من 60 كيلومتراً من مشاريع السدود. كما يرى مراقبون أن هذا يعكس نظرة الجزائر إلى حجز المياه كتهديد مباشر لسيادتها.
دعوة للتدخل الدبلوماسي الأمريكي
في ظل هذا الوضع المتوتر، يدعو التقرير الولايات المتحدة، الحليف الوثيق للمغرب، إلى التدخل الدبلوماسي لحث الرباط على التعاون مع الجزائر بشأن إدارة الموارد المائية المشتركة. ويأتي هذا الطلب مع الأخذ في الاعتبار مكانة المغرب كحليف رئيسي من خارج الناتو، وكونه من بين الدول العربية الموقعة على “اتفاقيات أبراهام”، بالإضافة إلى اتفاقية التجارة الحرة مع واشنطن.
ويختتم الخبير الأمريكي في شؤون شمال أفريقيا، جيف بورتر، بأن “الخطط التي تهدف إلى تفادي زعزعة الاستقرار الداخلي في المغرب قد تتحول إلى سبب مباشر لعدم الاستقرار الإقليمي إن لم تُراع السياق الجغرافي والسياسي الأوسع”.