تفاعلا مع عريضة انتشرت في الإنترنت، ضم جامعيون ومثقفون جزائريون أصواتهم إلى الأصوات المنادية بإقالة الرئيس بوتفليقة وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وكانت العريضة قد دعت، منذ عدة أسابيع، إلى “التثبت من المانع الذي يحول دون أداء الرئيس مهامه بسبب ظروفه الصحية، كما ينص على ذلك الفصل 102 من الدستور”.
وانضم إلى لائحة الموقعين على العريضة ستة جامعيين ومثقفين جزائريين يرون أن صحة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لم تعد تسمح له بمواصلة مهامه الرئاسية أصواتهم إلى قائمة المطالبين بتنحية الرئيس.
وطالب علماء الاجتماع محمد هناد وعيسى قادري ورتيبة حاج موسى والمؤرخ دحو جربال والكاتب مصطفى بن فوليد والصحافي شريف رزقي، حسب صحيفة “الوطن” (ناطقة بالفرنسية) في عدد أول أمس الخميس، بـ”انتخابات رئاسية مبكرة في الشهور القليلة المقبلة”.
وبرر موقعو المقال مطالبتهم بتنحية بوتفليقة بكون “الوضع الصحي للرئيس في تدهور مستمر، والدليل على ذلك أنه لم يعد يمارس مهامه الدستورية بكيفية فعالة ومتواصلة وشفافة”، فهو “لم يعد قادرا على استقبال نظرائه الأجانب بكيفية لائقة، كما أنه لا يقوم بأي رحلات رسمية خارج البلاد”.
وذكر موقعو المقال أن المقربين من الرئيس يؤكدون باستمرار أنه “لا يزال يتمتع بكل القدرات لممارسة الحكم حتى إلى ما بعد 2019″، في إشارة إلى نية الرئيس المعلنة الترشح لولاية خامسة، “إلا أننا لم نعد نرى أو نسمع الرئيس أبدا تقريبا”.
وإضافة إلى العريضة، كانت قد انطلقت، في أواخر غشت الماضي، حملة تسير في الاتجاه نفسه تصدّرها حزب “الجيل الجديد” المعارض.ويرى بعض المحللين أن بوتفليقة يعاني من الوهن بسبب تقدمه في السن وعواقب الجلطة لكنه لا يزال يتمتع بقدراته العقلية ويواصل ممارسة الحكم.
وقد عاد الجدل بقوة حول وجود “شغور” في السلطة في غشت المنصرم إثر اقالة رئيس الوزراء عبد المجيد تبون بعد تعيينه قبل ثلاثة شهور فقط، في ما اعتبره بعض المعارضين “محاولة من جهة ما لاستغلال ضعف رئيس الدولة.
في المقابل عبّر رئيسا مجلسي الشعب والأمة عن امتعاضهما هذا الجدل وتدخلا، يوم الاثنين الماضي، للدفاع عن الرئيس بمناسبة استئناف جلسات البرلمان. وفي هذا الإطار، حذر رئيس المجلس الشعبي الوطني، سعيد بوحجة، من أنّ “إقالة الرئيس ستكون بمثابة قفزة نحو المجهول”. ومن جهته، شدد رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صلاح، على أن “الرئيس في صحة جيدة ويؤدي مهامه الدستورية بكيفية عادية”.
لكن جلالي سفيان، رئيس حزب “الجيل الجديد”، الذي خاض حملة ضد ترشح الرئيس لولاية رابعة، صرح لموقع إخباري، بأن “رئيسي مجلس الشعب والأمة منافقان”، مضيفا “نريد رؤية الرئيس… ولن نصدق إلا ما سنراه”.
ووافقه الرأي أحمد آدمي، مسؤول الاتصالات في حزب “طلائع الحريات” إذ قال “إذا كان الرئيس فعلا بصحة جيدة كما يقولون فليُدل بكلمة لمدة خمس دقائق أمام شعبه!”..
يشار إلى أن بوتفليقة، الذي يبلغ من العمر 80 عاما، كان يتمتع بنشاط ملحوظ بعد انتخابه للمرة الأولى في 1999، قبل أن يصاب، في 2013، بجلطة دماغية أثرت على قدرته على النطق والحركة، لكن لم يمنع إعادة انتخابه لولاية رئاسية رابعة في 2014، ليصبح الرئيس الذي يشغل منصبه لأطول مدة في تاريخ البلاد..
وكان بوتفليقة، “المتواري عن الأنظار” منذ مطلع العام، قد ظهر لثوان معدودة، يوم الأربعاء الماضي، في التلفزيون الرسمي خلال جلسة لمجلس الوزراء. وبدا بوتفليقة في هذه الإطلالة النادرة “جامد الوجه وهو يقلب ببطء ملفا”، بحضور أعضاء الحكومة الجديدة، ثم ظهر “جالسا” بين الوزراء “الواقفين” لالتقاط الصورة الجماعية التقليدية.
وفي ارتباط باضطراب صحة “الرئيس”، اضطرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، في فبراير الماضي، إلى تأجيل زيارة إلى الجزائر في اللحظة الأخيرة. كما ذهب مراقبون مؤخرا إلى أن الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون لم يقم بعدُ بزيارته المرتقبة إلى الجزائر لأنّ نظيره “غير قادر على استقباله”.