ارتبطت بلدان المغرب والجزائر وتونس في فترة من الفترات بخط سككي على متنه كان المسافرون يتنقلون بسلاسة بين الحدود. توقف الخط أوّلا بين المغرب والجزائر، لأسباب اختلط فيها التقني بالسياسي، وبعدها توقف الخط بين تونس والجزائر، رغم الحدود البريّة الواسعة التي تجمع الجزائر بأكثر من بلد.
بيدَ أن القطار قد يعود من جديد، إذ تقوم الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي بالإشراف على دراسة تخصّ تأهيل وتحديث بعض مقاطع خط السكك الحديدية للقطار المغاربي، إذ بدأت لجنة الإشراف على هذه الدراسة اجتماعات جديدة هذا الأسبوع (24-27 يوليو)، ستخصص لدراسة وتقييم العروض الفنية والمالية المقدمة من لدن مكاتب الدراسات المشاركة في المناقصة.
ويموّل البنك الإفريقي للتنمية هذه الدراسة بمبلغ 1.7 مليون دولار، وهي الدراسة التي تأتي بتوصية من المجلس الوزاري للأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي، الذي يضم وزراء النقل في الدول المغاربية الخمس، إذ طلب المجلس من أمانة الاتحاد السعي لإيجاد تمويل لهذه الدراسة، ممّا قد يتيح عودة القطار المغاربي على أرض الواقع، وفق ما أكده لـCNN بالعربية لطفي السبوعي، مدير البنية الأساسية في الاتحاد.
وقال السبوعي إن الدراسة تبتغي تحديث ثلاث مقاطع أساسية من القطار المغاربي: الأول مقطع يربط بين مدينتي فاس-وجدة المغربيتين حتى الحدود الجزائرية، والثاني مقطع في الغرب الجزائري يصل وهران بالحدود المغربية، والثالث مقطع يربط بين مدينة سوق أهراس في الجزائر ومدينة غار الدماء في تونس، أو مقطع آخر في شمال البلدين، لكنه تحديثه يبقى صعبا بسبب وعورة التضاريس، ممّا يجعل المقطع الأول أكثر تفضيلا.
وتحدث السبوعي عن أن الأمانة العامة ستتدارس فيما تبقى من اجتماعات هذا الأسبوع العروض المالية التي تقدمت بها مكاتب الدراسات، قبل أن تختار العرض الأفضل وتتعاقد مع المكتب المعني حتى يشرع في إنجاز الدراسة خلال الأشهر القادمة.
وكانت شركتي السكك الحديدية في تونس والجزائر قد أعلنتا في وقت سابق من هذا العام عن قرب إطلاق الخط الرابط بين العاصمة تونس وعنابة غرب الجزائر، وأكدت مديرة السكك التونسية، سارة رجب، أن المشروع سيبدأ في ماي/أيار الماضي، لكنه تأجل مرة أخرى لأسباب تقنية.
وتوقف الخط بين تونس والجزائر عام 2006 لأسباب تقنية في الغالب، وجرى الاتفاق على إحيائه من جديد إثر لقاء جمع رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد برئيس الوزراء الجزائري السابق عبد المالك سلال، وفي حالة ما تمّ العمل به، فيزيد من إنعاش السياحة في تونس، إذ تعدّ السوق الجزائرية الأولى بين أسواق جارتها الشرقية.
في الجانب الآخر، توّقفت إمكانية السفر بالقطار بين المغرب والجزائر بشكل نهائي عام 1994 في أعقاب قيام الجزائر بإغلاق الحدود البرية بينها وبين المغرب بسبب فرض هذا الأخير للتأشيرة على مواطنيها، إثر اتهامات تتعلّق بتورط جزائري محتمل في تفجيرات بمراكش، وهو ما نفته الحكومة الجزائرية، ولا يزال غلق الحدود ساريا إلى اليوم.
ورغم استمرار أمانته العامة في الاشتغال، ووجود الطيب بكوش، وزير الخارجية التونسية سابقا، على رأسها، فاتحاد المغرب العربي يعاني حالة واضحة من الجمود، فقد جرى تأسيسه عام 1989 بين حكام الدول الخمسة في المنطقة لأجل التعاون الاقتصادي والسياسي والقضائي والتعليمي، إلّا أن الخلافات السياسية، لا سيما بين المغرب والجزائر، حكمت على الاتحاد بالاستمرار دون فعالية واضحة.