محمد أسوار- الرباط
ظل مشروع تشييد نفق أو جسر يربط بين جبل طارق الواقع تحت النفوذ البريطاني، وبين شمال المغرب، حبيس الرفوف لأزيد من نصف تقريبا (43 سنة بالضبط)، وهو مشروع كان حلما مشتركا للملك الراحل الحسن الثاني والعاهل الإسباني الأسبق خوان كارلوس، حيث وضع الملكين، سنة 1979، خارطة طريق لإنجاز دراسة مشتركة لهذا المشروع القاري العملاق، عبر توقيع اتفاقية جرى بموجبها إنشاء شركتين لدراسات الربط القاري عبر مضيق جبل طارق، الأولى مغربية والثانية إسبانية.
في نفس السياق، يرى مراقبون، أنه في ظل الوضع الدولي والاقليمي المتوتر، صار هذا المشروع ضرورة ملحة، خدمة لمصالح البلدين، حيث سيفتح معابير جديدة، يمر منه الغاز في الاتجاهين، سواء عبر المملكة في اتجاه أوروبا، خاصة وأن المغرب يستعد لإنجاز أكبر مشروع لنقل الغاز من نيجيريا نحو أراضيه.
المشروع كان عبارة عن فكرة بناء جسر معلق أو نفق تحت البحر المتوسط، ليكون نقطة ربط بين المملكة المغربية وصخرة جبل طارق؛ لكن المشروع أثار هواجس لدى إسبانيا من أن يتحول إلى تهديد لمصالحها الاقتصادية، في حين أن المتغيرات التي يشهدها العالم قد تدفع الجارة نحو تغيير موقفها، خصوصا بعد أن صارت العلاقات بين الرباط ”سمن على عسل”، قوامها ”الثقة المتبادلة وحسن الجوار”.
بعد عودة العلاقات المغربية الإسبانية، إلى وضعها الطبيعي، طرحت الصحافة الإسبانية موضوع إنجاز المشروع بقوة، حيث كتبت صحيفة ”لاراثون”، اليوم الثلاثاء 14 يونيو الجاري، مقالا تحت عنوان ” هل يمكن أن تكون الخطوة التي اتخذتها إسبانيا لتحسين علاقاتها مع المغرب مفتاحا للدفع النهائي بالمشروع؟”.
وأوضحت الصحيفة الإسبانية، أن هناك مشاريع قديمة بين البلدين، عاد إلى الواجهة بعد الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز إلى المغرب ولقائه بالملك محمد السادس، ومن بين هاته المشاريع بناء نفق للسكك الحديدية يربط بين ضفتي مضيق جبل طارق.
من جانبه كشف جواد الكردودي، رئيس المعهد المغربي للعلاقات الدولية، أنه على الرغم من أن التكلفة المالية، كانت إحدى العقبات الرئيسية لتنفيذ هذا المشروع، إلا أن هناك إهتماما كبيرا في الماضي بالتمويل.
وأوضح ان مؤسسات مالية عالمية، كالبنك الدولي أو بنك الاستثمار الأوروبي أو الصنديق العربية أو صندوق التنمية الافريقية، يمكنها واقعيا، أن تساعد في أن يرى المشروع- الحلم- النور.
وسيمكن المشروع، في استخدام النفق كخط أنابيب للغاز بين المغرب وإسبانيا، مما يسمح بنقل هذه المادة الحيوية في كلا الاتجاهين.
وتشير تقارير إعلامية إلى أن النفق سيوفر نقل الركاب والبضائع بين محطتين، عبر قطارات تحمل تحمل أيضا المركبات والشاحنات، إضافة إلى قطارات لنقل الركاب والشحن التقليدية، وستكون المسافة بين المحطتين 42 كلم، على اعتبار أن طول النفق لن يتجاوز 38 كلم، منها 27.8 كلم تحت الماء.
وتكشف المصادر أن المشروع سيكون له تأثير اقتصادي كبير على المنطقة، وسيصبح مراكزا لشبكات النقل الأوروبية الافريقية، سواء في تسهيل حركة تنقل الأشخاص والبضائع بين القارتين، أو باعتباره قيمة استراتيجية مضافة لتطوير النقل في غرب البحر الأبيض المتوسط.
رغم كل هذا؛ يبقى المشروع مجرد طموح كان قد راود عاهلي البلدين، يوم 16 يونيو 1979؛ بما أن المسؤولين الحاليين، لم يطرحوا الأمر على طاولة النقاش، اللهم إذا كان ذلك خلال القمة الثنائية المزمع تنظيمها بين المغرب وغسبانيا قبل نهاية 2022 الجارية، كما كان متفقا.