منذ ما يزيد عن العقدين من الزمن، تحولت التجربة المغربية في مجال التصدي للخطر الإرهابي إلى نموذج يحتذى به عبر العالم، تتقاطر عليه أقوى أجهزة الأمن عبر العالم لطلب خبرته وتعاونه.
استراتيجية المملكة في هذا المجال تقوم على محاور متعددة، على رأسها قوة أجهزته الاستخباراتية التي ساهمت في التصدي لعدد من المخططات ليس فقط داخل المملكة، بل على صعيد دول صديقة وشقيقة بفضل تعاون أمني منقطع النظير.
الحلقة العاشرة:
روعت تفجيرات مقهى الانترنيت وحي الفرح وشارع مولاي يوسف بالدار البيضاء لسنة 2007 ساكنة الدار البيضاء، كما انها خلفت خسائر في الأرواح من بينها مقتل شهيد الواجب مفتش الشرطة محمد زندبة واصابة عنصري أمن اصابة بليغة الى جانب عدد من الجرحى المدنيين.
مباشرة بعد الاعاداءات الارهابية نوه وزير الداخلية بالمشاركة الفعالة للمواطنين وتعبئتهم إلي جانب السلطات العمومية وأجهزة الأمن لمطاردة الارهابيين، لكنه ودعا الي مزيد من اليقظة والحذر لضمان استقرار المغرب، وبشر عناصر الأمن المصابين بأنهم سيحاطون بعناية ورعاية ملكية وستتم ترقيتهم الي الرتبة الأعلي، وأنه ستخصص للمرحوم محمد زندبة جنازة رسمية.
لقد بينت التحريات بعد اعتقال عدد من المتورطين مع الانتحاريين أنهم كانوا ينوون الاعتماد في عملياتهم على مواد جرثومية لها تأثير خطير على الجهاز العصبي للإنسان، حسب ما أفاد به تقرير الخبرة الذي أجراه المختبر العلمي التابع للشرطة على عينة سائل كان مخزنا في منزل أحد المتهمين. بل ان عناصر الخلية وصلوا إلى مرحلة متقدمة من الإعداد والتخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية، بعد نجاح التجارب التي أجروها على متفجرات تم تصنيعها يدويا، كما كانوا بصدد استعمال مواد سامة من أجل زعزعة الاستقرار الأمني للمغرب.
نجحت المصالح الامنية بفعل يقظة عناصرها في افشال مخطط دموي كان يستهدف موقع وشخصيات حساسة بالدار البيضاء، ومنها مقر قيادة الشرطة والقوات شبه العسكرية بالعاصمة الاقتصادية وكذلك بعض المواقع السياحية.
وبعد الأبحاث المكثفة لمختلف المصالح الامنية, سيتم في ظرف وجيز اعتقال زعيم شبكة الرايدي ومساعده في أحد أحياء منطقة بوسكورة ضواحي الدار البيضاء، مما مكن من تحديد هوية جميع أعضاء المجموعة، واكتشاف مخابئهم والأوكار التي كانوا يصنعون فيها المتفجرات.
موازاة مع ذلك, تم تعقب العديد من المشتبه بهم المطلوبين في أعقاب التفجيرات, وذلك في اطار الحملات الوقائية ضد اعتداءات ارهابية محتملة، قد يلجأ اليها بعض ممن هم في لائحة المبحوث عنه. كما شددت الأجهزة الأمنية اجراءاتها الاحترازية على مجموع القنصليات الأجنبية، بالاضافة الى أماكن العبادة كالكنائس، والمؤسسات الحكومية باستعمال آلات للتفتيش .
وسيسدل الستار على محاكمة المعتقلين المشتبه بالتورط مع الانتحاريين والبالغ عددهم 45 شخصا, وتمت ادانتهم في أكتوبر 2008 بالسجن من سنتين الى 30 سنة كل حسب التهم المنسوبة اليه.
وفي الوقت الذي لا تزال التحقيقات متواصلة في تفجيرات الدار البيضاء، سيفاجأ الرأي العام الوطني يوم 13 غشت من نفس السنة بمحاولة تفجير مماثلة بمدينة مكناس خطط لها مهندس دولة يبلغ من العمر 30 عاماً يدعى هشام الدكالي.
استخدم الشاب المتزوج بدون أطفال وخريج احدي الجامعات الفرنسية، قنينة غاز صغيرة الحجم، ونتج عن الانفجار بتر يده اليسرى وإصابته بجراح في أماكن مختلفة من جسده. وتم نقله إلى المستشفى العسكري بالمدينة في حالة صحية حرجة، وذلك بعد أن حاول تفجير نفسه قرب حافلة سياحية في ساحة الهديم التاريخية بمدينة مكناس. كانت الحافلة تقل سياحاً أجانب يزورون باب المنصور التاريخي
ومنذ ذلك الحين، أعلنت حالة تأهب قصوى بعدد من المدن السياحية مع تعزيز الإجراءات الأمنية لتفادي وقوع اعتداءات ارهابية مماثلة، الا ان الارهاب الأعمى سيدق مرة أخرى أبواب أبرز المدن السياحية المغربية مدينة مراكش سوم 28 أبريل 2011. وذلك حين استهدف تفجير انتحاري مقهى أركانة في ساحة جامع الفناء .والتي تمثل قلب المدينة السياحية النابض، وخلف 17 قتيلا و21 مصابا، كان أغلبهم سياح أجانب.
قبل ذلك نجحت المصالح الأمنية يوم 2 مارس 2010 من تفكيك خلية إرهابية مكونة من ستة أفراد متشبعين بالفكر التكفيري، كانوا ينشطون على مستوى عدة مدن مغربية ويعدون لاقتراف أعمال إرهابية داخل التراب الوطنية وفي يوم 26 أبريل من نفس السنة، سيتم تفكيك شبكة إرهابية ذات بعد دولي ولها صلة بتنظيم “القاعدة” مكونة من 24 فردا. تلك الشبكة تقوم بإرسال نشطاء مغاربة إلى بؤر التوتر خاصة أفغانستان والعراق والصومال والشريط الساحلي الصحراوي. وبعدها في 21 يونيو سيتم تفكيك شبكة إرهابية تتكون من 11 شخصا يتبنون الفكر التكفيري الجهادي ويخططون لارتكاب أعمال إرهابية داخل التراب الوطنية، يتزعمها مواطن أجنبي يحمل الجنسية الفلسطينية .
وفي غشت تم أيضا تفكيك خلية إرهابية مكونة من 18 فردا من بينهم ثلاثة سجناء سابقين مدانين سلفا بسبب تورطهم في قضايا إرهابية، كانوا يستعدون للقيام بأعمال إرهابية وتخريبية داخل الوطن وضد المصالح الأجنبية بالمغرب، كما تم يوم . 29 أكتوبر تفكيك خليتين إرهابيتين تتكونان على التوالي من أربعة وخمسة أفراد من بينهم مواطن يحمل الجنسية اليمنية، على صلة وطيدة بتنظيم القاعدة، مبحوث عنه من طرف سلطات بلده، وكذا معتقلان سابقان كانا قد أدينا بسبب تورطهما في قضايا إرهابية، كما تم في 27 دجنبر تفكيك شبكة إرهابية مكونة من ستة مغاربة ينشطون في مجال ما يصطلح عليه بإرهاب “السبرنتيك”.
وكان أفراد هذه الشبكة، الذين استطاعوا كسب خبرة كبيرة في صنع المتفجرات، يخططون لتوظيف هذه الخبرة قصد القيام بأعمال تخريبية بمختلف بؤر التوتر العالمية وداخل التراب الوطني خاصة بواسطة سيارات مفخخة تستهدف بعض المصالح الأجنبية بالمملكة وكذا عدة منشآت وطنية حيوية ومراكز أمنية .
وكانت نقطة التحول في مسار تفكيك الخلايا الارهابية، هو يوم 4 يناير 2011, وذلك ب1 تفكيك خلية ارهابية تتكون من 27 فردا من بينهم عضو في (تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي)، تم إيفاده من قبل هذا التنظيم بغية إنشاء قاعدة خلفية داخل المملكة وإعداد مخطط للقيام بعمليات إرهابية. وقد مكنت التحريات من العثور على ترسانة من الأسلحة مخبأة في ثلاث مواقع قرب أمغالا على بعد 220 كلم من مدينة العيون.
ليس ذلك فقط فقد تم يوم 23 شتنبر 2011 الاعلان عن تفكيك خلية إرهابية أطلقت على نفسها “سرية البتار” تتكون من ثلاثة أفراد، من بينهم معتقل سابق في إطار قانون مكافحة الإرهاب، يتزعمهم أحد الناشطين البارزين في المواقع الجهادية عبر الأنترنت ذات الصلة بتنظيم القاعدة، والذي تمكن من نسج علاقات وطيدة مع أقطاب التنظيمات الإرهابية، بكل من اليمن وأفغانستان والصومال وليبيا والعراق، ومناطق أخرى.
وبعدها في فاتح أكتوبر 2011 حيث سيتم تفكيك خلية إرهابية تتكون من خمسة أفراد ينشطون بكل من الدار البيضاء وسلا، من بينهم أحد أقارب الأمير السابق للمنطقة الشمالية لتنظيم القاعدة بالعراق. أعضاء هذه الخلية الإرهابية الذين أعلنوا ولاءهم لأيمن الظواهري، تمكنوا من ربط علاقات وطيدة عبر الشبكة العنكبوتية بقياديين بتنظيم القاعدة بالعديد من المناطق خاصة سوريا، العراق، تركيا، اليمن والصومال، كما خططوا لاستهداف المصالح الغربية بالمملكة ومقرات الشركات الأجنبية والمواقع السياحية، والمؤسسات السجنية وكذا اغتيال أجانب وشخصيات عمومية.