24 ساعة ـ عبد الرحيم زياد
مع بداية هذا الشهر، انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، نداءات ودعوات لمغادرة المغرب يوم 15 سبتمبر الحالي. وقد لاقت صدى واسعا لدى الشبان وعدد كبير من القصر من مختلف مناطق المملكة، الذين توجهوا إلى مدينة الفنيدق. لمحاولة العبور إلى جيب سبتة سباحة، مما استنفر السلطات المغربية، التي طوقت المكان قبل وصول المهاجرين إليه، واعتقلت العديد منهم.
وأدت محاولة المئات من الشبان في المغرب الهجرة بشكل غير مشروع إلى مدينة سبتة المحتلة، الأسبوع الماضي. إلى شعور بالصدمة لدى المجتمع والسلطات، على حد سواء، خاصة مع انتقال هذه المحاولات من السرية إلى العلن بواسطة نداء عبر وسائل التواصل الاجتماعي. والاتفاق على يوم محدد .
واعتبر ناشطون مغاربة، بين حقوقيين وسياسيين ومحللين، في تصريح لوكالة “رويترز“، أن محاولة الهجرة سباحة من مدينة الفنيدق بشمال المغرب. إلى جيب سبتة المتاخم لها. المحتل من قبل إسبانيا، يدق ناقوس الخطر لما آلت إليه الأوضاع الاجتماعية الاقتصادية المغربية.
https://twitter.com/elespanolcom/status/1835296458582434258
واعتقلت السلطات قبل أسبوع من وصول المهاجرين إلى الفنيدق، أكثر من 60 شخصا بسبب استخدامهم وسائل التواصل الاجتماعي. للتحريض على الهجرة غير المشروعة. وقالت الحكومة المغربية إن السلطات قدمت 152 شخصا إلى العدالة بعد هذه الواقعة. التي حاول فيها 3000 شخص التسلل إلى الأراضي الإسبانية.
حقوقيون يقون ناقوس الخطر
واعتبر عدد من المحللين الذين تحدثوا لـ”رويترز”، أن ناقوس الخطر لا يكمن في مشكلات اقتصادية أو اجتماعية بقدر ما يكمن في طريقة هذه الهجرة غير المشروعة التي تحولت من السر إلى العلن، وإلى عدد القصر الذين حاولوا الهجرة، لاسيما أن هذه الفئة غير معنية بتغيرات سوق العمل لأن مكانها المدرسة، وليس العمل.
وقال المحلل السياسي المغربي، محمد الشرقاوي لـ”رويترز”: “الهجرة غير النظامية ليست أمرا جديدا، فالمغرب بلد عبور وبلد انطلاق. الذي وقع أنه لأول مرة، في تاريخ الهجرة يتم الإعلان عن تجمع لممارسة الهجرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.
واعتبر أن “السياسات العمومية والمجالية، والمشاريع التي تعطلت، تتحمل بعض المسؤولية. لكن عندما نسمع أن قاصرين يهاجرون. هؤلاء مكانهم المدرسة، وحتى إن أرادوا الهجرة هل من المعقول أن يتم تشغيلهم”، مضيفاً أن “أوروبا ليست حضانة. وهي الأخرى تعاني من صعوبات اقتصادية واجتماعية، ويبدو أن هؤلاء لهم تصور خاطئ عن أوروبا ولا يعرفون أوضاعها الاقتصادية الحالية”.
وحمل الشرقاوي المسؤولية أيضا “للأسرة والمدرسة.. كما أن هناك مشكلات المجالس المنتخبة والمؤسسات الوسيطة. بالإضافة إلى مشكلة المدن الحدودية لما أغلق القطاع الغير المهيكل (التهريب) أكيد تضررت وتعاني من صعوبات اقتصادية”.
وكانت المنطقة تعيش على التهريب من معبر سبتة، لكن السلطات المغربية. أوقفت أنشطة التهريب في أكتوبر من 2019 وأغلقت المعبر الحدودي في مارس 2020 عند الإعلان عن تفشي جائحة كورونا في المغرب. وقال الشرقاوي إن هناك أضرارا اجتماعية بعد انتهاء التهريب في المنطقة “بوصلة السياسة الاجتماعية يجب أن تتجه إليها”.
مسكنات لا تحل المشكلات
ومن جهته، يرى المحلل الاقتصادي، رشيد أوراز، أن “المنظومة الاقتصادية تعاني من عجز هيكلي. تعجز معه عن خلق فرص العمل والنمو الاقتصادي وتترك خلفها الكثير من ضحايا الهشاشة الذين لا يجدون إلا الهجرة كحل”.
وأضاف لـ”رويترز”: “ناقوس الخطر تم دقه من خلال تقارير رسمية مغربية. ومن خلال تقارير مؤسسات دولية، لكن يبدو أن الدولة عاجزة عن توفير الموارد المالية لتمويل سياسات عمومية تشغيلية. وعاجزة أيضا عن جذب الاستثمار الأجنبي وتحفيز الاستثمار الخاص”.
وتوقع أوراز أن “هذه العوامل قد ستستمر لسنوات وليس لأشهر فقط. وما يتم القيام حتى الآن هو نوع من المسكنات التي لا تحل المشكلات في العمق”.
وأضاف “ما يحتاجه المغرب إصلاحات عميقة وجدية، وانفتاح سياسي واقتصادي ومحاربة الفساد وترسيخ حكم القانون ومبادئ الحكامة. غير ذلك ستبقى كل الحلول ترقيعية ذات أثر آني، ولا تحل المشكلات الكبرى الاقتصادية والاجتماعية”.