24 ساعة-متابعة
تشهد المملكة، ابتداء من يوم الإثنين 26 ماي الجاري وإلى غاية يوم السبت من نفس الأسبوع، موجة حر شديدة تشمل عددا من المناطق، وذلك وفقا لما أفادت به توقعات الأرصاد الجوية.
وأثار هذا الارتفاع الكبير في درجات الحرارة قلقا متزايدا لدى المتخصصين والمهتمين بالشأن البيئي، خاصة في ظل تكرار هذه الظواهر المناخية المتطرفة وتوسع رقعتها الجغرافية.
في هذا السياق، أوضح الخبير البيئي مصطفى بنرامل أن هذه الموجة الحارة يمكن تفسيرها بمجموعة من العوامل المتداخلة، تشمل تأثيرات مناخية وبيئية محلية ودولية، مشيرا إلى أن الكتل الهوائية القارية الحارة والجافة القادمة من الجنوب، وتحديدا من الصحراء الكبرى، تشكل أحد أبرز الأسباب المباشرة، كما أن تغير مسار التيار النفاث يساهم في صعود الهواء الساخن نحو المناطق الشمالية للمملكة.
وأضاف بنرامل في تصريحه لـ”24 ساعة”، أن الاحتباس الحراري العالمي أصبح عاملا أساسيا في تزايد تواتر وشدة موجات الحرارة، كما أن ضعف التساقطات المطرية خلال هذا الموسم وعدم انتظامها أدى إلى تجفيف التربة، ما ساهم في تسخين سطح الأرض بشكل أسرع وأكثر حدة.
أما على المستوى المحلي، شدد الخبير على أن عوامل طبيعية تعزز هذه الظاهرة، أبرزها الموقع الجغرافي للمغرب القريب من الصحراء، وزحف الرمال من الجنوب، إضافة إلى تأثير الرياح الشرقية الجافة المعروفة محليا بـ”الشرقي”، وكذلك التراجع المستمر في الغطاء النباتي ومساحات الغابات، والتي تلعب دورا محوريا في ترطيب الجو والتقليل من شدة الحرارة.
وفيما يتعلق بالمدن والمراكز الحضرية، قال بنرامل إن الظواهر العمرانية ساهمت في تضخيم التأثير الحراري، حيث تعاني المدن من ظاهرة “الجزر الحرارية”، نتيجة امتصاص الأسطح الإسفلتية والإسمنتية لأشعة الشمس وإعادة إشعاعها، إلى جانب النقص الكبير في المساحات الخضراء داخل الأحياء. كما أن الزحف العمراني غير المنظم يعوق التهوية الطبيعية ويزيد من الإحساس بالحرارة.
وعلى المستوى العالمي، أشار المختص إلى أن ارتفاع درجات حرارة المحيطات وظاهرة ذوبان الجليد القطبي قد غيرت بشكل جذري توزيع الحرارة على سطح الأرض، كما تسهم الانبعاثات الحرارية من الأنشطة الصناعية والنقل، وحرائق الغابات، وإزالة الأشجار لأغراض التوسع العمراني أو الزراعي، في تعزيز هذا التوجه المقلق.
كما لفت إلى أن التحدي المناخي يظل حاضرا بقوة أمام مختلف المتدخلين، ويستدعي تضافر الجهود للتخفيف من آثاره، من خلال تعزيز التوعية البيئية، وتطوير السياسات المناخية، وتشجيع التكيف الحضري المستدام.
وخلص بنرامل في تصريحه بالتنبيه إلى تأثيرات غير مباشرة تفاقم الوضع، مثل استقرار الضغط الجوي المرتفع الذي يمنع دخول الكتل الهوائية الباردة، أو تغير التيارات البحرية، ما قد يعيد تشكيل خريطة توزيع الحرارة حول العالم.