24ساعة-متابعة
تتجدد الدعوات العالمية لتعزيز الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة باعتبارها السبيل الأمثل لمواجهة التغيرات المناخية وتحقيق مستقبل مستدام للإنسانية، وذلك بمناسبة الذكرى الخامسة والخمسين ليوم الأرض.
وفي هذا السياق، أكد الخبير البيئي مصطفى بنرمال، على أهمية توحيد الجهود الدولية من أجل مضاعفة إنتاج الكهرباء النظيفة ثلاث مرات بحلول عام 2030، مشيرا إلى أن هذا التحول لا يمثل فقط ضرورة بيئية، بل يعد ثورة إنسانية واقتصادية تفتح آفاقا جديدة لتحسين حياة مليارات الأشخاص حول العالم.
وقال بنرمال في تصريحه لـ”24 ساعة”، إن هذه الذكرى التي يحييها أكثر من مليار مؤيد في 192 دولة، تشكل فرصة حقيقية لتحفيز العائلات على استكشاف خيارات الطاقة الذكية، ولحث الحكومات المحلية والوطنية، وكذلك الصناعات والشركات، على الإسراع في تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة بفعالية.
وأوضح المتحدث، أن مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية، تنتج طاقة نظيفة لا تطلق غازات دفيئة، وبالتالي فهي لا تساهم في تغير المناخ، كما أنها تمثل البديل الحقيقي للوقود الأحفوري، الذي ألحق أضرارا جسيمة بالبيئة وبصحة الإنسان.
وفي هذا السياق، نقل بنرمال عن دينيس هايز، منظم أول “يوم للأرض” والرئيس الفخري لموقع EARTHDAY.ORG، قوله: “لقد خدعنا لسنوات بالاعتقاد أن الوقود الأحفوري هو الحل الوحيد لتشغيل كوكب الأرض، لكن الحقيقة أنه بحلول عام 2030، ستكون الطاقة الشمسية المصدر الأول لتوليد الكهرباء عالميا.”
وأضاف أن الولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال، أنتجت 25% من كهربائها من مصادر متجددة خلال النصف الأول من سنة 2023، ويتوقع بعض الباحثين أن هذه النسبة قد تصل إلى 90% في غضون عشر سنوات.
وتتوفر البشرية اليوم، حسب بنرمال، على التكنولوجيا الكفيلة بتوفير طاقة نظيفة ومتجددة من الشمس، والرياح، والطاقة الحرارية الأرضية، وطاقة المد والجزر، والموارد الكهرومائية، وجميعها قابلة للتخزين باستخدام البطاريات وخلايا الوقود.
وأشار بنرمال إلى أن 49 دولة في العالم تنتج اليوم أكثر من نصف حاجياتها من الكهرباء من مصادر متجددة، من بينها كندا وسويسرا والنمسا ونيوزيلندا والبرازيل والنرويج والسويد والدنمارك، في حين تعتمد آيسلندا بنسبة 99.99% على الطاقة المتجددة.
وشدد بنرمال على أنه بحلول عام 2035، سيكون بالإمكان تلبية كافة حاجيات الطاقة في دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية من مصادر متجددة طيلة أيام السنة، الأمر الذي يعزز الدعوة إلى مضاعفة إنتاج الطاقة المتجددة ثلاث مرات عالميا بحلول عام 2030.
وذكر بنرمال بأن الحركات الشعبية لطالما قادت التغيير الإيجابي في التاريخ، مثل حركة الحقوق المدنية، والنضال من أجل المساواة بين الجنسين، وحقوق السكان الأصليين، كما شارك 20 مليون شخص في مسيرة يوم الأرض سنة 1980، مما أسهم في انطلاق الحركة البيئية الحديثة وتحقيق مكتسبات كبيرة مثل تحسين جودة الهواء والماء وحماية التنوع البيولوجي.
وأضاف أن حملة EARTHDAY.ORG في عام 2024، والرامية إلى تقليص إنتاج البلاستيك، تمكنت من كسب دعم الحكومة الأمريكية، ما يعكس قدرة التحركات الشعبية المنظمة على التأثير الإيجابي.
واعتبر بنرمال أن التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة ليس فقط ثورة بيئية، بل هو أيضا “ثورة إنسانية”، لأنها المرة الأولى في تاريخ البشرية التي يتاح فيها توفير طاقة غير محدودة ومنخفضة التكلفة للجميع، مما يحسن حياة المليارات من الناس.
وأشار إلى أن 3.8 مليار شخص حول العالم لا يصلون إلى الحد الأدنى من الطاقة الحديثة، أي أقل من 1000 كيلوواط/ساعة للفرد سنويا، ما يبقيهم في دائرة الفقر.
ويمكن للطاقة المتجددة أن تغير هذا الواقع، من خلال تحسين مستويات المعيشة، والحد من الأمراض المرتبطة بتلوث الهواء وتغير المناخ، مثل أمراض الجهاز التنفسي، والربو، والسكتات الدماغية، وغيرها.
وأبرز بنرمال أن التحول للطاقة النظيفة يوفر أيضا فرصا اقتصادية ضخمة، حيث يتوقع أن تخلق الطاقة المتجددة 14 مليون وظيفة جديدة على مستوى العالم، كما بلغت قيمة هذا القطاع في عام 2023 نحو 1.21 تريليون دولار، ومن المرتقب أن ينمو بنسبة 17.2% سنويا ما بين عامي 2024 و2030.
وخلص بنرمال الخبير البيئي، إلى أن مسار التحول للطاقة المتجددة لا يخلو من التحديات، خاصة مع حملات التضليل الإعلامي التي تمولها جماعات ضغط قوية، لكن من خلال التزام الشعوب ودعمها، يمكننا أن نجعل من عام 2025 الذكرى الـ55 ليوم الأرض ونقطة تحول فارقة تحت شعار: قوتنا… كوكبنا”.