أسامة بلفقير – الرباط
سيكون من العبث أن نحاول اليوم إلقاء كامل المسؤولية على السلطات العمومية، في قضية الفاجعة التي هزت مدينة طنجة يوم أمس، والتي أودت بحياة 28 عاملة وعامل كانوا يشتغلون في مرآب تمت أرضي، بشكل سري.
التهم الجاهزة ستوجه إلى القائد والباشا والعامل والوالي، فقد يكون هؤلاء مسؤولون، بشكل أو بآخر، عن اشتغال هذا المعمل بتلك الطريقة، لكن لنطرح السؤال بصيغة أخرى: ماذا لو بادرت مصالح وزارة الداخلية إلى إغلاق جميع المعامل المنتشرة في عدد من المدن، والتي تشتغل خارج القانون؟ ألن تتهم هذه الوزارة بخلق “القلاقل الاجتماعية”؟
لقد آن الأوان أن يتحمل الجميع مسؤوليته، كل في حدود اختصاصاته وصلاحياته، بدل تقاذف المسؤوليات ومحاولة تحميل أطراف أخرى وزر إشكاليات عميقة، تتميز بالديمومة والبنيوية، وهو وضع لا يمكن أن يتم معالجته بقرارات محلية، بل لابد من سياسات عمومية حقيقية تعالج الداء، لا أعراضه.
أثناء عرض مشروع قانون المالية 2021، خرج وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة محمد بنشعبون بتصريحات قال فيها إن “ثلثي المغاربة يعيشون من القطاع غير المهيكل، ولا يتوفرون على تغطية صحية”. تصريح كان يفترض أن يحدث زلزالا حقيقيا، لكنه مر مرور الكرام، إلى أن اهتزت بلادنا على وقع فاجعة يوم أمس.
ماذا فعلت الحكومة لمعالجة هذا الوضع؟ عمليا، لا شيء. بل إن كامل العبء تتحمل وزره وزارة الداخلية، التي تجد نفسها في امتحان صعب يحاول التوفيق بين الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي داخل مجالاتنا الترابية، وفي الآن ذاته يسعى إلى تطبيق القانون.
لقد كان لزاما على وزير الاقتصاد والمالية أن ينكب، منذ تكليفه من طرف جلالة الملك بتدبير هذا القطاع، على وضع إجراءات ملموسة للحد من انتشار الاقتصاد غير المهيكل، والذي يستفحل سنة بعد أخرى، بدل أن نركز كامل جهودنا، خاصة على مستوى مشروع قانون المالية، في دعم قطاعات نالت الكثير من الامتيازات والإعفاءات.
لماذا لم تفكر وزارة المالية مثلا في مواكبة القطاع غير المهيكل من أجل الالتحاق بالقطاع المهيكل، سواء عبر التحفيز الضريبية أو الاجتماعية وغيرها من التدابير، بدل أن نعيش مثل تلك المأساة التي تخفي من ورائها غابة من المئات الآلاف من الشركات التي تشتغل خارج القانون…