24 ساعو-متابعة
حذر محمد بنعليلو، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، من تنامي مظاهر الفساد داخل المنظومة الصحية المغربية، داعيا إلى قراءة نقدية للواقع الصحي، وتحديد مكامن الخلل التي تمس بقيم النزاهة وتعرقل ولوج المواطنين إلى خدمات صحية عادلة ومنصفة.
وأكد بنعليلو، خلال إفتتاح ورشة عمل نظمت صباح اليوم الثلاثاء بالرباط، حول موضوع “مخاطر الفساد في قطاع الصحة، سلسلة القيمة الخاصة بالمنتجات الطبية والقطاع الطبي الخاص”، أن الفساد في هذا القطاع لا يمكن اعتباره خللا طارئا أو سلوكا فرديا معزولا، بل يمثل أزمة بنيوية تمس الحق في الحياة الكريمة والعلاج، باعتباره حقا دستوريا لا يقبل المساومة.
وكشف رئيس الهيئة أن دراسة ميدانية أنجزتها مؤسسته، أظهرت أن الصحة تمثل أولوية ملحة لفئة واسعة من المواطنين، غير أن ولوجهم إليها يصطدم في كثير من الأحيان بعقبات من قبيل الرشوة، وتدني الجودة، وتضارب المصالح، إضافة إلى مظاهر التمييز غير المعلنة.
وأوضح بنعليلو أن الفساد في قطاع الصحة لا يرتبط فقط بسلوكيات فردية، بل يعكس ما وصفته منظمة الصحة العالمية بـ”هشاشة النظم”، التي تتجلى في ضعف الحوكمة وغياب الشفافية في تدبير المشتريات، وغياب آليات رقابية ناجعة، إلى جانب تضارب المصالح داخل البنية التنظيمية الصحية.
وأشار إلى أن نتائج الدراسة تبين أن واحدا من كل خمسة مواطنين يعتبر قطاع الصحة أولوية قصوى، مضيفا أن نسبة منهم صرحت بأنها اضطرت إلى دفع رشاوى، أو طُلب منها ذلك خلال تعاملها مع المؤسسات الصحية.
وفي سياق متصل، شدد بنعليلو على أن فتح النقاش بشأن الفساد في الصحة لا يعد تمرينا تقنيا فقط، بل يعكس إرادة سياسية وأخلاقية للدفاع عن الحق في الولوج إلى العلاج، معتبرا أن الورشة التي تستمر على مدى يومين تشكل خطوة مهمة في هذا الاتجاه، لاسيما وأنها تركز على سلاسل القيمة المرتبطة بالأدوية والمنتجات الطبية، إلى جانب القطاع الصحي الخاص الذي يشهد بعض الاختلالات التنظيمية وغياب الرقابة الكافية، مما يفسح المجال أمام ممارسات غير نزيهة كالفوترة الوهمية والتدخلات الطبية غير الضرورية.
وأكد رئيس الهيئة أن مشروع إعداد خارطة وطنية لمخاطر الفساد في قطاع الصحة يمثل محطة مركزية في تشخيص مكامن الخلل واقتراح حلول واقعية، مشددا على أن الهدف يتجاوز البعد العلمي أو التقني، ليترجم إلى مشروع مجتمعي لحماية الأمن الصحي وتعزيز ثقة المواطنين في مؤسساتهم.
واختتم بنعليلو مداخلته بالتأكيد على أن هذه الورشة تشكل انطلاقة لمرحلة جديدة، تتسم بالجدية والالتزام، لوضع اللبنات الأولى نحو بناء منظومة صحية محصنة ضد الفساد، تدار بمقاربة تشاركية تعزز الشفافية وتكرس العدالة الاجتماعية كركيزة أساسية للنزاهة الصحية.