24 ساعة-متابعة
كشفت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، خلال زيارتها لإقليم جرادة اليوم الجمعة 30 ماي الجاري، عن حزمة من الإجراءات الجديدة تستهدف إعادة هيكلة هذا القطاع الحيوي، حيث تؤشر المبادرات المعلنة على بداية مرحلة جديدة تتجاوز الحلول التقليدية.
وأوضحت الوزيرة أن هذه المقاربة تأتي في سياق تنزيل التوجيهات الملكية السامية، التي تدعو إلى اعتماد نموذج تنموي جديد يرتكز على العدالة المجالية والاجتماعية، ويعزز الشفافية والنجاعة في تدبير القطاعات الحيوية.
أشارت المسؤولة، إلى أن الوزارة تشتغل على تفعيل هذه الرؤية من خلال إجراءات تشريعية وتنفيذية ملموسة، تقوم على التحول الرقمي، وتشجيع الاستثمار، والتفاعل مع التحديات البيئية والاجتماعية التي يعرفها القطاع المعدني، وذلك بالتنسيق مع السلطات المحلية وكافة الشركاء المعنيين.
وفي لقاء موسع مع مسؤولي الإقليم، كشفت الوزيرة عن شروع الوزارة في إعداد منصة رقمية مخصصة لتسويق الفحم، ستعتمد كركيزة أساسية ضمن مقاربة شاملة لإعادة هيكلة القطاع المنجمي، وتهدف إلى إرساء نظام شفاف لتتبع مسار الفحم المحلي، وإبراز دور الفاعلين المحليين ضمن السوق الوطنية.
وتأتي هذه الزيارة في إطار مقاربة تشاركية تسعى إلى تعزيز التنسيق بين مختلف الفاعلين، وإدماج جرادة في الدينامية التي يعرفها قطاعا الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة.
أكدت بنعلي أن هذا الاجتماع يعكس رغبة جماعية في فتح نقاش حقيقي حول أولويات الإقليم، وعلى رأسها القطاع المنجمي، الذي يشكل ركيزة اقتصادية واجتماعية مهمة على الصعيدين المحلي والوطني، بالنظر إلى مساهمته في الناتج الداخلي الخام وخلق فرص الشغل.
وفي هذا الصدد، أعلنت الوزيرة عن إعداد مشروع قانون لتعديل وتتميم القانون رقم 33.13 المتعلق بالمناجم، بهدف إحداث تحول نوعي في القطاع وتعزيز جاذبيته للاستثمار، مع إقرار مقتضيات خاصة بإقليم جرادة تراعي إكراهاته وتقدم حلولاً ذات قيمة مضافة.
يتضمن المشروع الجديد عدة إجراءات، من بينها رقمنة وتبسيط المساطر، وإحداث سجل منجمي إلكتروني، وإلزامية الافتحاص السنوي للسلامة المهنية، إلى جانب إحداث بطاقة مهنية للمنجمي تتيح له الاستفادة من التكوين، والسماح بمعالجة المواد دون شرط رخصة استغلال، وتخصيص مناصب الشغل لأبناء المنطقة، فضلاً عن فرض مخططات لإغلاق وإعادة تأهيل المناجم لضمان الاستدامة البيئية والاجتماعية.
أما فيما يخص استغلال الفحم، شددت الوزيرة على ضرورة اعتماد مقاربة جديدة تدمج الإشكالات الصحية والبيئية ضمن رؤية إصلاحية متكاملة.
تشمل هذه المقاربة، إلى جانب المنصة الرقمية، إعداد أول دليل استثماري خاص بالقطاع المنجمي بجهة الشرق، مع تركيز خاص على إقليم جرادة، وذلك لتسهيل الولوج إلى التمويلات وبناء الثقة بين المستثمرين والجهات المعنية.
وفي قطاع الطاقات المتجددة، كشفت الوزيرة عن توقيع اتفاقية إطار بين الوزارة، وزارة الداخلية، وكالة مازن، الشركة الجهوية متعددة الخدمات “الشرق”، وولاية وعمالة ومجلس إقليم جرادة، بهدف إنجاز محطة شمسية بقدرة 3 ميغاواط قابلة للتوسيع إلى 10 ميغاواط، لفائدة الفئات المتضررة من داء السيليكوز.
كما أفادت بأن نسبة الكهربة بلغت 99.91% على المستوى الوطني و99.68% على صعيد الجهة، مؤكدة أن الوزارة تسعى إلى استكمال التغطية في إطار مشروع PERG 2.0، الذي يعتمد على الطاقات المتجددة والشبكات الصغيرة، وهو ما تم تطبيقه بنجاح في إقليمي الصويرة والحوز.
وكان هذا اللقاء مناسبة للوقوف على مستوى التقدم المحقق في عدد من الاتفاقيات التنموية المبرمة مع إقليم جرادة، وكذا لتسريع وتيرة تنفيذها ميدانيا، حيث من بين هذه الاتفاقيات، تبرز الشراكة مع الوكالة المغربية للطاقة المستدامة “مازن”، التي تهدف إلى تعزيز البنية التحتية الطاقية بالإقليم، وتوفير حلول مبتكرة تساهم في تحقيق التنمية المستدامة وخلق فرص الشغل لفائدة الساكنة المحلية.
من جهته، أكد ممثل الوكالة المغربية للطاقة المستدامة، أن الوكالة تعتمد نهجًا متكاملًا يجعل من الطاقات المتجددة رافعة للتنمية الترابية، مسلطاً الضوء على مشروع “نور أطلس” الذي يشمل مجموعة محطات شمسية بطاقة إجمالية تصل إلى 300 ميغاواط، منها 121 ميغاواط بعين بني مطهر، بتكلفة تناهز 2.7 مل09.
وأبرز المشروع النوعي لإنشاء محطة شمسية بطاقة 3 ميغاواط مخصصة للساكنة المصابة بالسيليكوز، بتمويل يُقدّر بـ36.5 مليون درهم، يهدف إلى تزويدهم بالكهرباء منخفضة التكلفة تخفيفًا لعبء أجهزة التنفس الاصطناعي.
ويكرس هذا الورش المشترك بين الدولة والمؤسسات الجهوية نموذجا لمقاربة تنموية جديدة، تُزاوج بين العدالة المجالية، والرقمنة، والنجاعة في الأداء، والعدالة البيئية.