24 ساعة-أسماء خيندوف
تواصل المملكة حصد مواقف دولية داعمة لمبادرتها للحكم الذاتي، حيث أعلنت المملكة المتحدة يوم الأحد 1 يونيو 2025 عن اعتبار هذا المقترح الأساس الأكثر جدية ومصداقية وواقعية لتسوية النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.
وفي هذا السياق، أكد محمد بودن، الخبير في الشؤون الدولية المعاصرة، أن دعم لندن لمخطط الحكم الذاتي يشكل نقطة تحول فارقة في مسار هذا الملف، وامتدادا لحقبة المواقف الاستثنائية المعبر عنها من طرف القوى الدولية الكبرى، منذ القرار الأمريكي سنة 2020، ثم الموقف الإسباني سنة 2022، فالفرنسي سنة 2024، إضافة إلى مواقف قوى إقليمية تنتمي لفضاءات جيوسياسية متنوعة.
وشدد في تصريح لـ “24 ساعة” على أنه: “من الممكن استخلاص ثلاث رسائل من هذه الانعطافة التاريخية، أولاها أن الموقف البريطاني الجديد يرفع العلاقات الثنائية إلى مستويات رفيعة، ويجعل منها نموذجا متميزا للتعاون بين ملكيتين عريقتين ضمن إطار الشراكة شمال-جنوب”.
وأضاف: ” أن الدعم البريطاني يعكس تقاطعا في الرؤية بين البلدين، يقوم على المنفعة المتبادلة والسعي المشترك للسلام والازدهار”.
واعتبر بودن أن هذا التطور يعد مؤشرا واضحا على إمكانية الحسم النهائي، مشيرا إلى أن الجزائر، إذا قامت بإجراء تقييم موضوعي للإرادة الدولية الداعمة لمبادرة الحكم الذاتي، وراجعت نهجها القائم على العزلة، فقد تلتحق بركب القوى الكبرى المقتنعة بجدية المقترح المغربي، وهو احتمال لا يمكن استبعاده تماما.
وأشار المتحدث إلى أن: ” تمسك المملكة المتحدة بهذا الموقف، سواء على المستوى الثنائي أو الإقليمي أو الدولي، يعكس التزاما دبلوماسيا واضحا ويشكل لبنة جديدة ضمن رؤية دولية تدعم سمو المبادرة المغربية، خصوصا في أفق الاستحقاقات الأممية المرتقبة”.
ولفت بودن إلى أن الاهتمام البريطاني المتزايد بالمملكة المغربية يرتبط أيضا بالمصالح الاقتصادية المشتركة، لاسيما في مجالات الاستثمار والطاقة والزراعة، وهي قطاعات أدرجت ضمن إطار اتفاقي يجمع البلدين.
وتابع حديثه قائلا: ” أن الحقائق الدامغة المرتبطة بالموقف السيادي المغربي أصبحت مرجعا ثابتا في قرارات عدد من الدول، مضيفا أن توقيت الموقف البريطاني يحمل أربع دلالات رئيسية، أولها أن التصور الجديد صادر عن دبلوماسية بريطانية عريقة معروفة ببراغماتيتها، وفق القاعدة الشهيرة: “إن لم تستطع التغلب عليهم، فانضم إليهم” أو “إذا لم تستطع هزيمتهم، انضم إليهم”.
وأبرز بودن في الدلالة الثانية أن هذا الموقف البريطاني يشكل ثمرة لدبلوماسية المبادرة التي يقودها الملك محمد السادس، ويعكس بوضوح رسالة الرباط التي جعلت من الصحراء المغربية مقياسا لصدق الصداقات وفعالية الشراكات.
وتتمثل الدلالة الثالثة، وفق المختص، في البعد الاستراتيجي للموقف البريطاني، نظرا للأدوار التي تضطلع بها لندن داخل مجلس الأمن الدولي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ورابطة الكومنولث، إضافة إلى حلف الناتو، ومجموعتي السبع والعشرين.
أما الدلالة الرابعة، فتتعلق بتوقيت هذا الدعم، الذي يأتي بعد أشهر فقط من تولي زعيم حزب العمال، كير ستارمر، رئاسة الوزراء، وقبيل تخليد الذكرى الثمانين لتأسيس الأمم المتحدة، وفي سياق مرور خمسين سنة على النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، مما يجعله محفزا إضافيا للمجتمع الدولي في أفق أكتوبر المقبل.
واختتم بودن تصريحه بالتشديد على أن الموقف البريطاني يعزز الزخم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي ويؤكد أن المغرب يمضي بثبات نحو تسوية نهائية للنزاع في إطار سيادته ووحدته الترابية.