اختار وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة الجريدة اليمينية الأمريكية “بريت بارت”، المقربة من أنصار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ليفصل في أسباب قطع الرباط لعلاقاتها الدبلوماسية مع طهران.
وأسهب بوريطة في عرض أسباب الخصام المغربي الإيراني، وهو يتحدث في حوار مطول مع الجريدة التي توصف بصوت اليمين المتطرف الأمريكي، مركزا على أن الإدارة الأمريكية الحالية تمتاز عن سابقتها بوضوح المواقف، معتبرا أن المغرب وأمريكا يتفقان على ضرورة لجم الدور الإيراني المتنامي في منطقة الشرق الأوسط وشمال وغرب إفريقيا.
ومما كشف عنه بوريطة في حوار أجرته مراسلة “بريت بارت”، من مقر السفارة المغربية في العاصمة الرومانية بوخارست، أن التوتر في العلاقات المغربية الإيرانية، تميز بقطع العلاقات الدبلوماسية مرتين، الأولى سنة 2009 والثانية في 2018.
وحسب ما كشفه بوريطة، فإن الإنزعاج المغربي برز أول مرة عندما رصدت الرباط تحركات كثيرة للملحق الثقافي الإيراني في الرباط، الذي كان يقوم بزيارات مكثفة لعدد من المدن المغربية، من خلال تنظيم مهرجانات ثقافية، يجري فيها توزيع كتب إيرانية.
يقول بوريطة “تساءلنا عن المغزى من توزيع كتب إيرانية بالمجان في مدن مغربية صغيرة، ثم اكتشفنا أن طهران تقدم بسخاء منحا دراسية لطلبة مغاربة، من أجل الانتقال للدراسة في مدينة قم الإيرانية، إذ انتقل عدد الطلبة المغاربة من 10 في السنة إلى 120 طالبا في السنة مستفيدا من المنح الإيرانية. كان هذا السبب الرئيس في قطع الرباط لعلاقاتها مع طهران في هذه الفترة.
ووفق رئيس الدبلوماسية المغربي، فإن قطع العلاقات للمرة الثانية، كان لعدة أسباب، لعل أبرزها دور إيران وحزب الله في غرب إفريقيا، وأيضا التقارب الإيراني مع جبهة البوليساريو الانفصالية المدعومة من الجزائر.
وحسب الوزير المغربي، فإن الضربة القاصمة للعلاقات بين الطرفين كانت اعتقال العقل المالي لإيران وحزب الله في إفريقيا قاسم تاج الدين، الذي اعتقلته السلطات المغربية وسلمته لواشنطن، بناء على مذكرة بحث دولية.
يقول بوريطة للجريدة اليمينية “إذا كانت الولايات المتحدة وإسرائيل ومعها حلفاؤها يرون في حزب الله اللبناني تهديدا عسكريا، فإن الرباط ترى فيه تهديدا اقتصاديا في إفريقيا، وكان تقليديا المسؤول البارز عن تبييض الأموال الإيرانية في القارة السمراء. كل الأموال كانت إيرانية ويعاد استثمارها في إفريقيا عبر أفراد تابعين لحزب الله، يشترون الفنادق والأسواق الكبرى، لقد كان السيد تاج الدين حلقة الوصل بين إيران وحزب الله وإفريقيا جنوب الصحراء”.
لم يقتصر الإنزعاج المغربي على التمدد الاقتصادي لإيران في غرب إفريقيا وجنوب صحرائها، إذ يكشف بوريطة على أن طهران بدأت في نشر مذهبها الشيعي في القارة السمراء، إذ أن أكبر مسجد في الكوت ديفوار هو مسجد شيعي محتمل، وهو ما رأت فيه الرباط هجوما على مصالحها.
ويضيف بوريطة “نعتقد أن ما يحدث مع البوليساريو هو جزء فقط من مخطط إيراني عدواني تجاه شمال وغرب إفريقيا. لاحظنا من قبل أنشطة إيرانية في السينغال وغينيا والكوت ديفوار وحتى غينيا بيساو..” “لقد دخل الإسلام هذه المنطقة على أياد مغربية، لذا فإن المغرب يتمتع تقليديا بوجود ديني منذ القدم. لكن خلال السنوات العشر الماضية، عاينا وجودا دينيا متزايدا لإيران، وذلك عبر لبنانيين ينتمون إلى حزب الله”.
بالنسبة لوزير الخارجية المغربي، فإن الارتياب من السياسة الإيرانية لم يقتصر على المد الاقتصادي أو الروحي لنشر مذهبها الشيعي، بل هناك مسألة حساسة تعتبرها الرباط خطا أحمر، وهي المتعلقة بدعم جبهة البوليساريو.
وحسب المسؤول المغربي، فإنه مباشرة بعد اعتقال السيد قاسم تاج الدين، ستكثف إيران ومعها حزب الله تحركاتهما الداعمة للجبهة الانفصالية، وذلك عبر إرسال خبراء من الحزب إلى مخيمات تندوف لتأطيرهم عسكريا.
بوريطة كشف أيضا أن سبب نقل السفارة المغربية في لبنان من حي إلى آخر، يعود أساسا إلى تهديدات من حزب الله، على اعتبار أن السفارة كانت تقع في منطقة قريبة من نفوذ الحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت.