أسامة بلفقير ـ الرباط
في هذا الحوار يكشف ناصر بوشيبة الباحث المغربي في العلاقات الصينية الإفريقية بمعهد السياسة بجامعة “صن يات سين” في مدينة كوانجو بالصين، عن رأيه في حراك الريف، كما يتحدث لـ”24ساعة” عن الفرق بين ما يشهده الريف خلال فترة الإستعمار وما يعيشه الآن.
وهذا نص الحوار :
بحكم تجربتك في الصين هل توجد حركات مماثلة لحراك الريف؟
كما في جميع بلدان العالم توجد في الصين خاصة في القرى حركات احتجاجية ذات مطالب اجتماعية وحقوقية بصفة يومية، وتحاول الحكومة الصينية احتواء الموقف عن طريق الحوار مع ممثلي هاته الاحتجاجات الذي يكون في الغالب الأكثر ثقافة وعلما او من شهد له بخدماته للمجتمع. ويقوم المحتجون بتشكيل لجنة تقدم طلباتها الملحة الى السلطات المختصة وكذاك القيام بالمفاوضات وكذا تتبع تحقيق الوعود. وتسعى الحكومة الى تقديم حلول سريعة لكي لا تؤثر الاحتجاجات على عجلات التطور والتنمية. فمثلا تقوم الحكومة بتغيير البرنامج التنموي بالزيادة في الاستثمار الحكومي وخلق فرص شغل جديدة. ويبقى الخط الأحمر هو الدعوات الانفصالية او رفع إعلام اخرى من غير العلم الوطني الصيني حيت تتدخل الحكومة بيد من حديد لردع من تسول له نفسه ذلك ومحاكمة المتهمين ان تبث عليهم ذلك.
ما رأيك في “حراك الريف”؟
لا أحبذ كلمة “حراك” التي اعتبرها مبالغة شيئا ما، إنما هي مظاهرات احتجاجية لفئة من سكان اقليم الحسيمة ذات مطالب اجتماعية وحقوقية مشروعة. الا ان تصريحا ورد في سياق الأحداث الاخيرة اثار حفيظتي وهو الحنين الى الاستعمار الإسباني و”العسكرة” وتأجيج مشاعر الشباب. وبالقليل من البحث نجد شبه اجماع عند الباحثين (ماعدا مؤيدي فرانكو) ان منطقة الريف شهدت خلال فترة الاستعمار الإسباني احلك فتراتها التاريخية. ولَم يفلح المعمرون الإسبان في إقناع حكومة الاحتلال في مدريد بجدوى الاستثمار في الريف بحكم ضعف العائد على الاستثمار(ROI). وبالتالي شهدت فترة الحماية الاسبانية انعداما للتصنيع، وشبكة طرقية لم تتعدى في إجمالها 2000 كلم (بين رئيسية وفرعية) وخطوط سككية قدرت ب 230 كلم فقط لصالح المعمرين الفلاحيين الإسبان وليس لتسهيل ظروف تنقل الساكنة. اما عن المدارس والمستوصفات فحدث ولا حرج، فكانت بأعداد جد هزيلة وطيلة فترة الاستعمار لم يلج الجامعات الاسبانية الا العشرات فقط من أبناء الأعيان المتعاونين.
ناصر بوشيبة رفقة وفد صيني في الريف
المصدر : (خاص)
وبالمقابل كانت هناك “عسكرة” حقيقية عن طريق “مكاتب التدخل” والثكنات العسكرية، حيت قدرت الباحثة ميمون عزيزة من جامعة المولى اسماعيل بمكناس هذه “العسكرة” بمعدل جنديين إسبانيين في الكيلومتر المربع، وجندي إسباني لكل 19 مواطن.
وبالتالي فان الحنين الى الاستعمار الإسباني هو ضرب من الجنون واستفزاز لذوي الشهداء الذين قضو نحبهم اثناء فترة المقاومة بأبشع الطرق بما فيها الاسلحة الكيماوية والتي مازالت اثارها جلية الى يومنا هذا.
وهنا أودّ ان لا ينجر الشباب وراء كل ما يسمع من خطابات حماسية، فالاستعمار بجميع أنواعه وأشكاله هو عنوان للقمع والاجرام. ومن سوء حظ المغرب انه وقع تحت حماية دولتين الشيء الذي عقد ظروف الاستقلال. ولكن ولله الحمد استرجع المغرب جميع أراضيه من طنجة الى الكويرة ومستقبلا ان شاء الله سبتة ومليلية.
في نظرك ما هو الحل الأمثل لحراك الريف؟
زرت الحسيمة مرتين خلال السنة الحالية، المرة الاولى من اجل تنظيم محاضرة في مدرسة المهندسين ENSAH لفائدة الطلبة الشباب المقاول والمرة الثانية لتقديم فرص الاستثمار لرجال اعمال صينيين في مجال السياحة، وصراحة اندهشت بالبنية التحتية المحترمة الذي يعرفها الإقليم والتي لا نجدها في الكثير من مناطق المغرب. كما ان مدينة الحسيمة هي من بين اجمل المدن التي زرتها في المغرب.
محاضرة عن إنجاح المقاولة بمدينة الحسيمة
المصدر : (خاص)
وتبقى مشاكل التعليم والصحة العموميين التي ترددت في الاحتجاجات هي نفسها التي يعاني منها المواطنون المغاربة ليس فقط في العالم القروي بل و حتى في كبرى المدن، بحكم ان الحكومة السابقة والحالية لم تقدم حلولا مبتكرة في هذا المجال. في نظري الحل مركب في أيدي الحكومة وساكنة الإقليم في الداخل والجالية في الخارج: على الحكومة ان تراجع برنامجها الحالي وان تخصص غلافا ماديا اكثر أهمية لهذين القطاعين الحيويين ليس فقط في الحسيمة ولكن في المغرب من طنجة الى الكويرة؛ كما على ساكنة الداخل ان يفكرو جليا قبل التصويت على من سيمثلهم من المنتخبين والأحزاب وبالتالي سيُصبِح لهم اداة للتعريف بمطالبهم بطرق مشروعة؛ اما أبناء المنطقة في الخارج خاصة في أوروبا فحبذا لو قامو بالاستثمار في اقليمهم الام عن طريق خلق مشاريع مستدامة والتعريف بمقومات المنطقة السياحية في بلدان إقامتهم للمساهمة في جلب السياح والمستثمرين الأجانب.