أسامة بلفقير _ الرباط
مناورة فاشلة تلك التي قادتها إسبانيا داخل البرلمان الأوروبي. ففي الوقت الذي كانت تعول مدريد على استصدار قرار “إدانة” ضد المغرب، أظهر القرار النهائي حقيقة الوزن والسمعة التي تحظى بها الرباط داخل أروقة الاتحاد الاوروبي.
عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، وأحد أبرز الخبراء الدوليين في قضايا الهجرة، يفكك في هذا الحوار مع جريدة “24 ساعة” الإلكترونية، خلفيات وأبعاد قرار البرلمان الأوروبي، مشددا على ضرورة الانتباه إلى الفخ الإسباني، الذي يسعى إلى الوقيعة بين المغرب والاتحاد الأوروبي.
في هذا الحوار، وجه بوصوف الدعوة إلى إسبانيا لتتحمل مسؤوليتها الأخلاقية والتاريخية تجاه المغرب، من خلال المساهمة في إيجاد خل نهائي لملف الصحراء المغربية.
كيف تلقيتم كأمين عام لمجلس الجالية المغربية بالخارج وخبير دولي في قضايا الهجرة، الموقف الصادر عن البرلمان الأوروبي بشأن الأزمة بين الرباط ومدريد؟
بداية، لابد من التأكيد على أن هذا القرار/التوصية ليست له أي صبغة قانونية ولا ترتب عنه أية نتائج. لكن أعتقد أن “الأسف” المعبر عنه من طرف البرلمان الأوروبي جاء بسبب سوء فهم أعضائه لما وقع، وذلك نتيجة تحرك نواب أوروبيين إسبان، وخاصة رؤساء الفرق البرلمانية الذين هم إسبان في الأصل. كما أن اليمين المتطرف الأوروبي تحرك بشكل قوي، وهو أمر مفهوم بالنظر إلى أن الأخير يجعل من قضية الهجرة شماعة يعلق عليها جميع مشاكل أوروبا.
هل يمكن القول بأن هذا القرار استجاب للضغوط الإسبانية؟
القرار لم يحمل ما كانت تتمنى إسبانيا أن يتبناه البرلمان الأوروبي، مقارنة مع المشروع الذي تقدم به حزب “اسيودادانوس” وتمت مناقشته. فالملاحظ أن الصيغة النهائية لم تحمل أي عبارات إدانة، وهو راجع ليس فقط إلى تحرك الدبلوماسية المغربية، بل أيضا إلى السمعة والمكانة التي تحتلها المملكة لدى النواب الأوروبيين الذين ألفوا الاشتغال مع المغرب في ملفات استراتيجية كالهجرة والأمن والاتفاق الفلاحي والتعاون القضائي وغير ذلك.
هل يشكل هذا القرار نقطة تحول في العلاقة مع الاتحاد الأوروبي؟
بالعكس، أعتقد أن هذا القرار يجب ألا يحول أنظارنا عن المشكلة الحقيقية القائمة مع إسبانيا، وليس مع الاتحاد الأوروبي. لذلك فإذا انحرفنا عن المشكل الأساسي واتجهنا نحو الاتحاد الأوروبي لخوض نزاعات معه، نكون قد أخطأنا التقدير. لذلك يجب أن نركز على الأزمة مع إسبانيا، والتي كان سببها دخول ابراهيم غالي بوثائق وهوية مزورة، وما كشفه ذلك من تعامل غير لائق للحكومة مع الإسبانية مع المغرب. طبعا ما وقع لا يمكن تفسيره إلا بانزعاج إسبانيا باعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالسيادة الكاملة للمغرب على صحرائه، في حين كان يفترض من إسبانيا أن تلعب دورها كمساعد باعتبارها قوة استعمارية وعليها واجب أخلاقي لتكون إلى جانب المغرب في إيجاد حل نهائي. فإسبانيا من أكثر دول العالم معرفة بأن الصحراء مغربية، على اعتبار أن كل المعاهدات التي أبرمت منذ القرن 17 و18 و19 كانت مع السلاطين المغاربة والدولة المغربية. لذلك فإسبانيا تتوفر على الأدلة القاطعة على أن الصحراء مغربية. ونحن نتمنى أن يزول هذا الانزعاج وتقوم إسبانيا بواجبها الأخلاقي تجاه المغرب.
كيف يجب التعامل بعد هذا القرار؟
يجب أن نعمل على تنبيه أصدقاء المغرب داخل الاتحاد الاوروبي إلى أن المشكلة الأساسية القائمة توجد مع الإسبان. فمشكل الهجرة مشكل عويص ومعقد وشائك، ولذلك على الاتحاد الأوروبي أن ينتبه إلى بعض المخاطر والمنزلقات التي وقعت فيها إسبانيا. وعليه، يجب علينا أن نتحرك في هذا الاتجاه دون أن نخطئ الهدف وألا ننخرط في صراعات مع الاتحاد الأوروبي. فهناك مجموعة كبيرة من أصدقاء المغرب الذي يحترمونه، علما أن القرار نفسه حمل إشادة بالمملكة من خلال وصفها بالشريك الحقيقي للاتحاد الاوروبي. لذلك، فمثل هذه القرارات تصدر بين الفينة والأخرى، حتى فيما يتعلق بالدول الاعضاء. وعموما، فإذا كانت إسبانيا دولة عضوة في هذا الاتحاد، فإن ما حصلت عليه لا يتجاوز الأسف على ما وقع، بل إنها خرجت خاوية الوفاض من هذه المناورة التي حاولت من خلالها خلق مواجهة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، وهو الأمر الذي فشلت فيه بفضل يقظة المملكة لمثل هذه المناورات.