عبد الله بوصوف
تستعد العديد من المنظمات الحقوقية سواء الأممية أو الجهوية أو المؤسسات الحكومية… لتخليد ” اليوم الدولي للمهاجرين ” يوم 18 دجنبر ، من خلال نشر تقارير أو عرائض أو مرافعات أو تنظيم ندوات و مسيرات و وقفات … من أجل تحصين مكتسبات المهاجرين من كل ” ردة حقوقية ” و ضد كل توظيف سياسي بمناسبة الحملات الانتخابية خاصة تلك التي يتزعمها قادة اليمين المتطرف في الدول الغربية..وضد كل إقحام استراتيجي لخدمة اهداف أجندات تحالفات سياسية و إقتصادية إقليمية كبرى…كازمة المهاجرين ببيلاروسيا و بولندا أو ببحر المانش بين فرنسا و بريطانيا.
كما ان مناسبة الاحتفال باليوم الدولي للمهاجرين يوم 18دجنبر من كل سنة ، هي مساحة لفضح سياسات العنصرية و صناعة الخوف و الكراهية ، و أيضا التماطل في تجويد قوانين الهجرة و اللجوء ، و مناسبة لفضح تُجار البشر و مآسي المهاجرين الباحثين عن مكان آمـن و مستقبل أفضل لهم و لأبنائهم.
و عادة ما تنقسم بيانات تخليد بوم المهاجرين الدولي يوم 18 دجنبر ، بين فريق مساند للهجرة و مناصر لافكار المجتمعات المتعددة الثقافات و الهويات و العيش المشترك…حيث يطبع عمليات السرد و الرصد كل الانتظارات و المكتسبات و محاسن الهجرات و ترسيخ الاعتبار بانها إضافات إيجابية و قيمة مضافة لمجتمعات الاستقبال…من جهة.
و بين فريق ضد فكرة المجتمعات المتعددة الثقافات حيث يناصر أفكار الاتجاه المتطرف كشعارات الانغلاق و السيادة الوطنية ، و يعتبر ان الهجرة و المهاجرين و بشكل خاص المسليمن منهم.. هم أسباب كل مشاكل مجتمعات الاستقبال مستغلين فشل بعض السياسات العمومية بدول الاستقبال في إدماج المهاجرين في النسيج الاجتماعي و الثقافي و الاقتصادي و السياسي أيضا..من جهة ثانية.
بطبيعة الحال، سنحتفل نحن أيضا باليوم الدولي للمهاجرين يوم 18 دجنبر بكل ما تعنيه كلمة الاحتفال من معنى..و سنعيد شريط ذكريات و منجزات سنة 2021 مع التنبيه الى معيقات و تداعيات جائحة كورونا على مغاربة العالم سواء بدول الاستقبال أو بوطنهم المغرب.
و اذا كان شريط سنة 2021 قد حمل معه تعليق التنزيل الصريح لبعض الحقوق الدستورية لمغاربة العالم و في مقدمتها حق المشاركة السياسية حسب الفصل 17من الدستور ، فان نفس شريط سنة 2021 حجز لمغاربة العالم مكانة مهمة في النموذج التنموي الجديد و توصيته بضرورة خلق ” وكالة ثقافية ” تخص مغاربة العالم ، و هو المطلب الذي رفعناه و بدون كلل منذ سنوات عديدة ، و قدمنا أكثر من تصور حول الأدوار الطلائعية التي يمكن ان تلعبها الوكالة الثقافية سواء في ترسيخ و تقوية الأواصر بين مغاربة العالم و وطنهم المغرب ، أو في الدفاع عن صورة المغرب بدول الاستقبال و أيضا الدفاع عن المقدسات الوطنية و الترابية في العالم و غيرها من الأدوار المهمة الأخرى.
كما أن مغاربة العالم بصموا شريط هذه السنة بوقفات قوية ضد دُعاة الانفصال و المرتزقة بالساحات العمومية الأوروبية كاسبانيا و فرنسا مثلا و غيرها خاصة بمناسبة فضيحة ” غالي غيت ” اثناء استقبال زعيم الانفصاليين بن بطوش / إبراهيم غالي بإحدى مستشفيات اسبانيا.
و في الوقت الذي ارتفعت فيه أصوات مغاربة العالم مُنددة بالارتفاع الصاروخي لأثمان التذاكر عند إطلاق عملية عبور الاستثنائية 2021، جاء البلاغ الملكي ليوم13يونيو ، و الخاص بتسهيل عودة الجالية المغربية و باثمان مناسبة في مجال النقل الجوي و البحري مع تحسين ظروف الاسقبال…كعنوان كبيرا لتلك العلاقة الميتافيزيقية التي تربط مغاربة العالم بملكهم من جهة ، و حرص جلالة الملك على ترسيخ صلات الرحم و تقوية الاواصر بين أبناء الجالية و وطنهم المغرب من جهة ثانية..
اكثر من هذا ، سيخُص جلالة الملك محمد السادس مغاربة العالم بفقرة عميقة في خطابه بمناسبة افتتاح البرلمان المغربي في الثامن من أكتوبر2021( الجمعة الثانية من شهر أكتوبر ) عند حديثه عن المحدد الثاني المُعنْون ” تدبير الأزمة الوبائية و مواصلة انعاش الاقتصاد ” ضمن المحددات الثلاثة.
بقولــه ” … وزيادة تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج بحوالي 46في المائة الى غاية شهر غشت الماضي…وقد ساهمت هذه التطورات في تمكين المغرب من التوفر على احتياطات مريحة من العملة الصعبة تمثل سبعة اشهر من الواردات….”.
و يمكن اعتبار الإشادة الملكية بارتفاع تحويلات الجالية و مساهمتها في استقرار الاقتصاد الوطني بالإضافة إلى التضامن المجتمعي ، و تخصيص فقرة ضمن خطاب موعد دستوري هام ( افتتاح الدورة التشريعية للبرلمان ) ، و البلاغ الملكي( 13يونيو) المخصص لتسهيل عودة الجالية و باثمان مناسبة …هو تعبير قوي عن المكانة المهمة التي تحضى بها الجالية في الأجندة الملكية.. و وسام شرف كبير على صدر مغاربة العالم …وهو ما ساهم في وصول تحويلات مغاربة العالم الى أرقام قياسية وغير مسبوقة فاقت 80مليار درهم عند شهر أكتوبر فقط ، مع توقع ارتفاعها الى 87مليار درهم عند نهاية سنة 2021.
لذلك يمكننا القول و بكل موضوعية ان شريط سنة 2021 بالنسبة لمغاربة العالم كان متميزا و زخما باللحظات الوطنية حاضرين للدفاع عن المقدسات الوطنية و الدستورية بدول الاستقبال ، وحاضرين لدعم الاقتصاد الوطني من خلال التحويلات و الاستثمار ، و حاضرين لدعم السلم المجتمعي من خلال تقديم مساعدات مادية و عينية لأسرهم بالمغرب.
وهو ما يدفع بالمقابل أن تكون كل المطالب المشروعة لمغاربة العالم فوق طاولة الفاعل السياسي و الحكومي بشكل يومي و ليس مناسباتيا، كالتنزيل الصريح لكل الفصول الدستورية الخاصة بمغاربة العالم ، و إخراج مؤسسة ” الوكالة الثقافية ” الى حيز الوجود و التي أصبحت ضرورة ملحة في زمن ” الهويات الرقمية ” و تكالب قادة اليمين المتطرف و دعاة التطرف في نشر الكراهية وصناعة الخوف…و في زمن شبكات التواصل الاجتماعي و فبركة الاخبار و التقارير ( الفايك نيوز ) و صناعة صورة الدولة لدى العالم.
فمغاربة العالم لا تنقصهم دروسا في الوطنية أوفي الواجب الوطني ، بل من حقهم توفير المعلومة الصحيحة و المعرفة اللازمة للرفع من درجة جاهزيتهم للترافع والدفاع عن المقدسات الترابية و الوطنية في المحافل الدولية و الدفاع عن صورة المغرب بالخارج.
لذلك ونحن نحتفل ” باليـوم الدولي للمهاجرين ” يـوم 18دجنبر ، كان لزاما علينا التذكير بتراكم رائع جديد لمغاربة العالم سنة 2021 ، و التذكير أيضا بانتظاراتهم المشروعة و المستحقة.