أسامة بلفقير – الرباط
تهافت وسائل الإعلام الفرنسية، لاسيما تلك المملوكة للدولة وعلى رأسها “فرانس24” لاتهام المغرب بعملية تجسس من وحي الخيال، باستعمال برنامج “بيغاسوس”، يظهر بجلاء أن الحكاية وكواليسها لا تتجاوز حملة استهداف مفضوحة على المغرب، في إطار عملية جيوسياسية هدفها النيل من تحركات المملكة الإقليمية والدولية، والتي جعلتها واحدة من الدول التي بات لها دور مهم في عدد من القضايا الإقليمية.
من الواضح أن المدرسة الفرنسية في مجال التحقيقات الصحفية تعيش هذه الأيام أسوأ أيامها. فلا قواعد جنس التحقيق الصحفي تم احترامها، ولا منطق الاتهام بتقديم الدليل تم التقيد بها، بل كل ما هناك هو تقارير سياسوية مخدومة هدفها النيل من المغرب، وهو الأمر الذي توضحه مختلف المقالات والتقارير الصحفية التي جعلت من المغرب “جنة للتجسس”.
هل كان من الضروري أن تنتظر الدولة الفرنسية كل هذا الوقت، ونحن نعرف قدراتها وخبراتها العظيمة في مجال التجسس، حتى يخرج تقرير صحفي لينبهها إلى ما تقوم بها دولة أخرى من تجسس على رئيسها؟! يا لها من لعبة مفضوحة، لاسيما وأن الواقفين وراءها فشلوا ذريعا بالأمس واليوم في تقديم ولو دليل تقني بسيط يؤكد تورط المغرب في مثل الممارسات..طبعا هل يمكن لأمنيستي –تلك المنظمة المتخصصة في إصدار البلاغات السياسية- أن تقدم تقرير تقنيا دقيقا يدين المغرب؟ طبعا لا، لأنها ببساطة منظمة تحترف البلاغات والبيانات، وفقط.
لكن دعونا نذهب إلى عمق الأشياء. إن الحقيقة من وراءه هذه الزوبعة هو أن هناك أطراف خارجية، وعلى رأسها فرنسا والجزائر، تنظر إلى المغرب كـ”تهديد لها”..وهو تهديد ليس بالأمني أو العسكري، بل هو تهديد دولة باتت تؤكد حضورها في الساحة الدولية..دولة استطاعت أن تقوم بدور أساسي في حماية حياة الأفراد..دولة تساهم أجهزتها الأمنية في استقرار أمن الدول والمجتمعات..دولة باتت تقول “لا” في وجه من يحاول استهداف سيادتها…دولة تحافظ على استقلالية قرارها بكل مسؤولية وجرأة.
هذا هو ما يخيف فرنسا والجزائر وغيرهما..ففرنسا لازالت تنظر إلى المغرب كـ”مستعمرة سابقة” دورهاهو توفير المواد الأولية، ومنح الصفقات للشركات الفرنسية دون أن تمارس حقها الطبيعي في التطور..أما الجزائر الغارقة في وحل النظام العسكري الديكتاتور، فتطور المغرب يشكل في حد ذاته تهديدا لاستمرارية هذا النظام العسكري، كيف لا والشعب الجزائري يحلم فقط بالعيش في مستوى الشعب المغربي..
هذا بعض ما في الحكاية، وغيره كثير..وخلف ضجة “البيغاسوس” المفضوحة، تمة الكثير من الكواليس التي كشفت زيف حرية الصحافة الفرنسية، التي تحولت اليوم إلى دمية في حرب بدون أسلحة تذكر..ما عدا بعض المفرقعات التي تفجرت في أيدي من حاولوا اللعب بها.