أسامة بلفقير- الرباط
في هذه الفسحة الرمضانية، نسلط الضوء على جزء من تاريخ المغرب المنسي..ذلك التاريخ الذي يشكل جزء أصيلا من الحضارة المغربية الضاربة في عمق التاريخ…”24 ساعة” تفتح ملف “حناطي المخازنية” عبيد في رحاب سلاطين المملكة.
الحلقة الأولى:
لكل دولة تاريخها، ومن لا يعرف تاريخ بلاده فلا يعرف هويته، ومن لا يعرف هويته سيعيش حياة تائهة بين محاولات البحث عن الذات لدى الآخر، أو العيش تحت أسر تمزق ثقافي وهوياتي.
للمغرب تاريخ، ولكل حقبة رجالها وتقاليدها الراسخة. مرت عدد من الحضارات، لكن القاسم المشترك بينها هو أن هذه الدولة التي عمرها أزيد من 13 قرن، ظلت قوية صامدة في وجه محاولات السطو والاستيلاء.
عرف المغرب بعدد كبير من السلاطين..وإذا كانت الروايات تتضارب حول خفايا حكم الكثير منهم، فإن عددا من المؤرخين سلطوا الضوء على حياة سلاطين المغرب وحاشتيهم.
لطالما استعمل سلاطين المغرب خلال مُقامهم وتجوالهم، مجموعات من الخدم عُرفوا باسم “حناطي المخازنية”، والتي قد يكون المنتمون اليها أحرارا أو عبيدا، فكانت لكل واحدة منهم مهامها الخاصة و طقوسها المتبعة في تأدية وظيفتهم سواء داخل دار المخزن، أو خارجها حيث تقبع ساحة المشور، و ذلك وفقا لعادات راسخة و محكمة.
لا يسمح لأي واحد منهم مهما كانت رتبته مخالفة تلك الطقوس، و إلا طالته غضبة السلطان، نظرا لاحتكاكهم المباشر به. ولذلك، فقد تمتع هؤلاء بمكانة مهابة خاصة لدى من تجاوزت قدماه العتبات الملوكية.
“حناطي” هي جمع “حنطة”، و التي تُطلق في الاصطلاح المخزني على مجموعة محصورة العدد من الخدم، لها وظيفتها الخاصة التي تميزها عن غيرها، اذ يتوزع الأفراد التابعون لها بين الأحرار و العبيد، ويُعرفون باسم “حناطي المخازنية”، أي أولئك الذين ترتبط مهامهم بتلبية حاجيات السلطان خلال اليوم و الليلة.
لهذا الغرض ينقسمون إلى مجموعتين كبيرتين، احداهما تتألف من الهيئات التي تخدم داخل دار السلطان و التي تُعرف باسم “حناطي الداخليين”، و الأخرى تضم الخدم الذين ترتبط مهامهم بخارج بناية القصر، خاصة ساحة المشور، وهم من يُطلق عليهم لقب “حناطي البرانيين”.