24 ساعة – عبد الرحيم زياد
في حدث أثار الكثير من التساؤلات، لم تتلق الجزائر دعوة من روسيا لحضور احتفالات عيد النصر في ماي 2025، رغم العلاقات العسكرية الوثيقة بين البلدين والتي جعلت الجزائر أكبر مستورد للأسلحة الروسية في إفريقيا. في المقابل، وجهت موسكو الدعوة إلى دول مثل إثيوبيا ومالي وبوركينا فاسو، مما أثار جدلًا واسعًا حول دلالات هذا الاستبعاد وموقعه في سياق العلاقات الجزائرية-الروسية.
خلفية العلاقات العسكرية
تتمتع الجزائر وروسيا بعلاقات عسكرية تاريخية تمتد إلى ستينيات القرن الماضي، حيث كان الاتحاد السوفييتي أول من دعم الجزائر خلال حرب التحرير. منذ ذلك الحين، أصبحت روسيا المورد الرئيسي للأسلحة الجزائرية، حيث شكلت حوالي 76% من واردات الأسلحة بين عامي 2002 و2022. صفقات ضخمة، مثل اتفاقية 2006 التي شملت مقاتلات ميغ-29 وسوخوي-30 ودبابات تي-90، عززت هذا التعاون. ومع ذلك، يبدو أن هذه العلاقة العسكرية القوية لم تترجم إلى حضور دبلوماسي بارز في مناسبات رمزية مثل عيد النصر.
🔴🔴|| عميل الكابرانات السعيد بن سديرة يبكي خسارة الرئيس الروسي #فلاديمير_بوتين ، حيث سب ولعن نظام بلاده الفاشل 🇩🇿، لدرجة تفوق بلدان افريقية كاثيوبيا 🇪🇹 وبوركينا فاسو 🇧🇫 الذين حضروا لعيد النصر بدعوة من #روسيا.
بن سديرة يكشف بغضبه هذا عن قرب نهاية النظام العسكري الجزائري الذي… pic.twitter.com/SMVZ8f9v7O
— Kinan Moutaraji – (ساخر مغربي) (@kinan_moutaraji) May 10, 2025
دلالات الاستبعاد
غياب الجزائر عن قائمة المدعوين لاحتفالات عيد النصر، التي حضرها قادة من دول الساحل مثل مالي وبوركينا فاسو، يحمل عدة دلالات محتملة. أولًا، قد يعكس هذا الاستبعاد توترات خفية في العلاقات الثنائية، خاصة في ظل استياء الجزائر من نشاط مجموعة فاغنر الروسية في دول الجوار مثل مالي.
فقد أعربت الجزائر مرارًا عن رفضها للوجود الأجنبي في المنطقة، وشكلت لجنة ثنائية مع روسيا لمتابعة هذا الملف، مما يشير إلى حساسية هذه القضية.
ثانيًا، قد يكون اختيار روسيا لدعوة دول الساحل بدلًا من الجزائر مؤشرًا على تحول استراتيجي في أولويات موسكو. تسعى روسيا إلى تعزيز نفوذها في منطقة الساحل من خلال دعم الأنظمة العسكرية الناشئة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، والتي أظهرت استعدادًا للتعاون مع موسكو عبر اتفاقيات أمنية ونشر قوات مثل فاغنر أو الفيلق الإفريقي.
هذه الدول، على عكس الجزائر، قد تكون أكثر مرونة في قبول النفوذ الروسي دون شروط صارمة.
ثالثًا، يمكن أن يكون الاستبعاد رسالة دبلوماسية موجهة إلى النظام الجزائري، الذي يواجه تحديات داخلية وخارجية متزايدة. وصف النظام العسكري الجزائري بأنه “يرقص رقصة الديك المذبوح” في بعض التعليقات يعكس صورة نظام يعاني من عزلة إقليمية ودولية، خاصة مع تصاعد التوترات مع المغرب وفقدان الحلفاء التقليديين.
النظام الجزائري يشعر بالعزلة
غياب الدعوة قد يعزز هذا الشعور بالعزلة، خاصة في ظل تصريحات سابقة للرئيس تبون أشاد فيها بروسيا كحامية لاستقلال الجزائر.ردود الفعل والتأثيراتأثارت هذه الخطوة نقاشًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث رأى البعض أن روسيا أدارت ظهرها للجزائر، بينما ادعى آخرون أن الجزائر هي التي رفضت الدعوة احتجاجًا على سياسات روسيا في المنطقة. على سبيل المثال، أشار أحد المستخدمين إلى أن الجزائر وضعت “خطوطًا حمراء” لروسيا، خاصة فيما يتعلق بالساحل، وأن غيابها قد يكون موقفًا مبدئيًا.
في المقابل، اعتبر آخرون أن هذا الاستبعاد يؤكد تراجع الوزن الدبلوماسي للجزائر، مشيرين إلى تصريحات وزير الخارجية الروسي لافروف التي ألمحت إلى “عدم الوزن أو الهيبة” للجزائر.من الناحية الاستراتيجية، قد يدفع هذا الحدث الجزائر إلى إعادة تقييم اعتمادها الكبير على الأسلحة الروسية، خاصة في ظل تحديات لوجستية تواجهها موسكو بسبب الحرب في أوكرانيا، والتي أدت إلى انخفاض صادرات الأسلحة الروسية بنسبة تزيد عن 30% بين 2013 و2022.
كما أن تهديدات الكونغرس الأمريكي بفرض عقوبات على الدول المستوردة للأسلحة الروسية قد تزيد الضغط على الجزائر لتنويع مصادر تسليحها.