أسامة بلفقير – باريس
إنه لمن غرائب العلاقات الدولية أن تسعى بعض الدول الغارقة في انتهاك حقوق الأفراد والجماعات، والمحكومة بلغة “العصا” دون الجزرة، أن تسعى إلى تقديم الدروس للمغرب..هذا البلد الذي استطاع أن ينجز تجربة الإنصاف والمصالح، ويفتح صفحة جديدة في مسار تعزيز منظومة الحريات والحقوق وكرامة الأفراد.
لقد بدأ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وهو منتدى رمزي تلتقي فيه النقاشات والإجراءات والمقترحات لتعزيز حماية حقوق الإنسان وتعزيزها بمعناها النبيل والعالمي، أعمال دورته في 21 يونيو 2021. والملاحظ أيضا هذه السنة، محاولة تحويل هذا المنتدى، إلى رهينة من قبل مجموعة صغيرة من الدول المعادية للمغرب.
هذه المجموعة المعزولة من البلدان المتورطة في سجل مظلم ومهين من انتهاكات حقوق الإنسان ضد مواطنيها، الذين يتعرضون بانتظام لإدانات من قبل سلطات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المتخصصة في هذا المجال. كيف لا ونحن نتحدث عن دول مثل الجزائر وفينيزويلا وغيرهما.
فالحديث مثلا عن عن فينيزويلا، هذه الدولة التي تعيش تحت قبضة حكام يجوعون شعبهم، ويستخدمون القمع والانتهاكات الممنهجة لأبسط الحقوق الأساسية لمواطنيها، هي موضوع تحقيق من قبل “البعثة الدولية المستقلة” لإثبات الحقائق بشأن جمهورية فنزويلا البوليفارية “، التي أنشأها نفس مجلس حقوق الإنسان، في شتنبر 2019. وقد أدانة البعثة الجرائم الخطيرة وتدعم آلاف الضحايا الذين يحاولون الحصول على العدالة التي أسقطتهم.
القشة الأخيرة هي أنه حتى خارج سلطات الأمم المتحدة، فإن مدى إدانة ممارسات هذا البلد لا مثيل له ، على المستوى الدولي ، كما يتضح من التقارير الموثقة ، ولا سيما من المنظمات الدولية.
أما ناميبيا فقد وجه لها أًبع الاتهام بشأن تمييزها ضد النساء والأطفال الذين يشكلون مشكلة رئيسية في هذا البلد، وعنف الشرطة وظروف الاحتجاز الرهيبة التي تمثل انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في ناميبيا.
أما الجزائر، زعيمة هذه العصابة، والنموذج السيء الذكر في تقديم الدروس المستفادة في حقوق الإنسان، فقد نبهتها المفوضة السامية لحقوق الإنسان مرة أخرى خلال تقريرها الشفوي إلى المجلس، كدولة تعاني من انتهاكات حقوق الإنسان. ومن ثم كررت المفوضة السامية ميشيل باشليت المخاوف نفسها التي أثارتها أمام المجلس في فبراير 2021 بشأن توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في الجزائر.
يظهر جليا من خلال سجل هذه الدول أن المغرب لا يمكن، بأي شكل من الأشكال، أن يكون مثيلا لها في الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، ولا نظيرا لسجلها المظلم في هذا المجال..كيف لا، وقد استطاع المغرب أن يتحول إلى دولة رائدة على الصعيد الإفريقي يتعامل فيها القضاء عندما تثار أي قضية تتعلق بوجود تجاوزات فردية ضد أحد المواطنين، بل إن يتم اتخاذ تدابير قضائية صارمة تصل حد السجن ضد كل من قد يتورط في قضية معينة.
بل إن المغرب فتح مسارا منذ عقود عدة في تكريس ليس فقط الحقوق الأساسية للمواطنين، بل أيضا في تحقيق الجيل الجديد من الحقوق. ولعل تجربة جائحة “كورونا” قد أبانت حقيقة تعاطي الدولة المغربية مع مواطنيها، في وقت كانت عدد من الدول توزع الرغيف والزيت على طوابير من مواطنيها، ينتظرون تحت أشعة الشمس حصولها على حصصهم من الكرامة المهدورة.