اسامة بلفقير- الرباط
اعتبر مهدي الإدريسي، الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستورية، أن الحكومة الجديدة ستواجه عددا من التحديات الاستثنائية إلى جانب أخرى وصفها بـ”الكلاسيكية”. وأوضح الإدريسي أن “الحكومة الجديدة ستعيش أزمة يمكن وصفها بأثر عبد الإله بن كيران”، فـ”رئيس الحكومة الجديد، سعد الدين العثماني سيظل سجين صورة سلفه لعدة أسباب، أولها أن إبعاد بن كيران جرى عن طريق الإعفاء، ومعارضة عدد من مكونات الصف الداخلي للحزب لطريقة تدبير العثماني لملف المشاورات وتشكيل الحكومة”، حيث لاحظنا “خطاب التحسر والتباكي داخل حزب العدالة والتنمية، والاتجاه العام يسير في تبني المساندة النقدية للحكومة، وهي صيغة ملطفة للاصطفاف في صف المعارضة”.
التحدي الثاني الذي ستواجهه الحكومة الجديدة حسب الإدريسي يتعلق بالانسجام بين مكوناتها، لأن تنصيبها “يأتي في ظل صراعات وتراشقات كلامية بين الأحزاب المشكلة لها”، كما أنها “تأتي بعد إعفاء بن كيران وستة أشهر من التطاحنات والبلوكاج وهنا نستحضر الحرب الضروس قبل أيام بين حزب التجمع الوطني للأحرار، وحزب العدالة والتنمية”، مشيرا إلى أن “هذه المعطيات تطرح إشكال مدى ارتياح الفرقاء الحكوميين في العلاقات المشتركة، وهذا بالطبع له انعكاساته على مستوى الأداء والحصيلة الحكومية برمتها”.
على مستوى تركيبة التحالف الحكومي، شدد الإدريسي على أن الحكومة التي جرى تنصيبها الأربعاء من طرف الملك “تبدو حكومة ضعيفة بالنظر لبروفايلات السياسيين المستوزرين، وعدم الانسجام بين مكوناتها، رغم أنها تحظى بـ240 مقعدا برلمانيا بمجلس النواب”، وهو “الشيء الذي سيمكنها إن استمرت في التحالف من أغلبية مريحة لتمرير القوانين”.
ولفت الإدريسي إلى أن تشكل الحكومة الجديدة من مشارب إيديولوجية متنوعة، واختلاف التموقع السياسي للأحزاب المكونة للحكومة سيكون له بدوره انعكاس على أداء الحكومة. فيما يهم بروفايلات الوزراء الجدد، اعتبر الباحث السياسي أن “بعضهم لا يتماشى مسارهم الأكاديمي والعلمي ولا حتى الوظائف التي شغلوها من قبل مع طبيعة المناصب التي سيسيرونها”، كما أن “لائحة التعيينات تضم بروفايلات لأشخاص ليسوا بقياديين في أحزابهم وليس لهم ذلك الوزن السياسي الذي يمكنهم من تولي هذه المسؤوليات”، بالإضافة إلى ضمها لوجوه جرى استوزارها من قبل، ولم تكن لها حصيلة مهمة تبرر تعيينها في مناصب وزارية من جديد”.
وقال الإدريسي “لا أعتقد بأن التركيبة السياسية ولا حتى تركيبة الأشخاص ستسعفها على مواجهة التحديات والمشاكل، وهو الشيء الذي يؤشر على أن هذه الحكومة لن تستمر طويلا، وربما يجري تعديل وزاري بعد تسوية وضع حزب الاستقلال”. من جانب آخر، أكد الإدريسي على أن “الحكومة الجديدة لم تنجح في الاستجابة لمطالب المواطنين فيما يهم تقليص عدد المناصب الوزارية”، وهو “ما لا يتماشى مع الظرفية الحالية سواء السياسية أو الاقتصادية التي يعيشها المغرب”، خاصة أن “المغاربة بعد ستة أشهر من البلوكاج كانوا ينتظرون حكومة أفضل سواء على مستوى التشكيلة أو عدد الحقائب الوزارية”.
إلى جانب ما وصفه بالتحديات الاستثنائية، أبرز الإدريسي أن الحكومة الجديدة ستواجه تحديات كلاسيكية، مرتبطة بالإجراءات الاجتماعية التي فرضتها الحكومة السابقة، والتي فيها “نوع من التقشف والإجحاف في حق الطبقة الوسطى والموظفين”، حيث تم “تمرير كل الإجراءات الصعبة في ولاية الحكومة السابقة”، خاصة فيما يهم “ملف التقاعد وتفكيك صندوق المقاصة وتحرير أسعار المحروقات”، بالإضافة إلى “قنبلة مجانية التعليم” التي فجرت مؤخرا، وملف العطالة والتشغيل في ظل استمرار الحركات الاحتجاجية واستعدادها للتصعيد بعد تشكيل الحكومة. كما أشار الباحث إلى أن “ضياع ستة أشهر من الزمن الحكومي سيفرض عليها الاستعجال في بعض الملفات”، كـ”ملف المقاولات التي ظلت في حالة عطالة”، فضلا عن “تحديات بعض المناطق كالحسيمة”.
وفيما يهم الجانب الديبلوماسي، استغرب الإدريسي عدم إحداث وزارة معنية بالشؤون الإفريقية، وهو ما يطرح حسبه “تحديا آخر على المستوى الديبلوماسي والعلاقات بين المغرب ودول القارة الإفريقية، وتعاون جنوب جنوب بعد عودة المغرب لمنظمة الاتحاد الإفريقي”.