الأناضول
رغم نفي القاهرة وجوبا أي مشاركة عسكرية مصرية في القتال بين قوات الحكومة والمعارضة في جنوب السودان، تتصاعد مخاوف من احتمال تحول الصراع في أحدث دولة إفريقية إلى حرب إقليمية، خاصة بسبب طبيعية العلاقات المتشابكة بين كل من القاهرة وجوبا وأديس أبابا، ولاسيما في ظل اللقاءات المتكررة بين الرئيس الجنوب سوداني، سيلفاكير ميارديت، ونظيره المصري، عبد الفتاح السيسي.
وليم قاتجياث، المتحدث باسم المعارضة المسلحة الموالية لـ”ريك مشار”، النائب السابق لسفاكير، قال إن “مشاركة القوات المصرية فى القتال بجانب الحكومة، وقصف مواقع المعارضة في مناطق شمال ولاية أعالى النيل (شمال شرق) يعد عملا استفزازيا”.
واعتبر قاتجياث، في تصريح للأناضول، أن الرئيس “سلفاكير يحاول من خلال هذا العمل إدخال البلد فى حرب إقليمية لا طائل منها.. ونحن نمتلك أدلة كافية (لم يحددها) تثبت تورط الجانب المصرى فى القتال”.
وفي بيانها لها، يوم السبت الماضي، قالت المعارضة إن “سلاح الجو المصري أسقط (يوم) الجمعة، أكثر من تسعة قنابل ومتفجرات (أخرى) على مواقع تابعة لنا خلال مواجهاتنا مع القوات الحكومية”.
وكما ردت مصر على اتهامات ليبية لها بشن غارات جوية داخل ليبيا، عام 2015، دعما لقوات خليفة حفتر، نفت القاهرة صحة اتهامات قوات مشار، قائلة، على لسان المتحدث باسم الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، إن “مصر لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى”.
ورغم النفي المصري، فإن تلك الاتهامات جددت تساؤلات حول نتائج زيارة رئيس جنوب السودان للقاهرة، ولقائه نظيره المصري، عبد الفتاح السيسي، فى يناير الماضي، وهي زيارة أثارت استياء كبيرا في إثيويبا.
وعبرت تقارير إعلامية إثيوبية عن “مخاوف رسمية” في أديس أبابا من تداعيات اللقاءات الثنائية بين سلفاكير والسيسى، حتى أن بعض هذه التقارير، ودون ذكر تفاصيل، تحدثت عما أسمتها “صفقة قذرة”.
ويوما بعد آخر، تتصاعد أزمة مكتومة بين القاهرة وأديس أبابا؛ بسبب سد “النهضة”، الذي تبنيه إثيوبيا على نهر النيل، وتخشى مصر من تأثير سلبي محتمل له على حصتها السنوية من مياه النهر.
ومقابل توثيق العلاقات بين القاهرة وجوبا، توترت وتراجعت العلاقات بين جوبا وأديس أبابا، منذ أن اندلع القتال فى جنوب السودان بين القوات الحكومية والمعارضة، في ديسمبر 2013، إذ تتهم جوبا الجانب الإثيوبي بإيواء قوات التمرد، وتدريبهم، وتزويدهم بالسلاح، وهو ما تنفيه أديس أبابا.
هذا التوتر زادت حدته إثر تجدد القتال، في يولويز الماضي، بمحيط القصر الرئاسي في جوبا، حيث أعلنت الحكومة أنها عثرت على بطاقات هوية إثيوبيا في ملابس أفراد الحرس التابع لمشار، والذين قتلوا خلال الاشتباكات، وهم منحدرين من إثنية “النوير”، التى تنتمى بعض عشائرها إلى إثيوبيا بالمواطنة.
نافيا صحة اتهامات المتحدث باسم المعارضة المسلحة، قال المتحدث باسم الرئاسة فى جنوب السودان، “اتينج ويك اتينج”، في تصريح للأناضول: “لا توجد أي قوات مصرية في جنوب السودان”.
وشدد “اينج” على أن “الحكومة ليس لديها وقت لقصف مواقع المتمردين بالطائرات.. نحن مشغولون بعملية الحوار الوطنى، لذلك ندعوا المتمردين إلى الاستجابة لنداء السلام حتى لا تكون هناك هجمات متبادلة”.
وحددت حكومة جنوب السودان نهاية عام 2020 سقفا زمنيا لإنهاء الحرب المشتعلة، منذ أكثر من ثلاث سنوات، في أحدث دولة بإفريقيا، وذلك عبر خطة تستهدف ذلك، وتستند إلى دعوة أطلقها، في ديسمبر/ كانون أول الماضي، سلفاكير من أجل إجراء حوار وطني لتسوية كافة القضايا الخلافية بين الحكومة والجماعات المسلحة، ولا سيما المشاركة في السلطة وتداولها سليما.
وإن اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة جوبا، “جيمس أوكوك”، أن “اتهامات المعارضة للقوات المصرية تستهدف زيادة الشكوك بين جوبا وأديس أبابا”، فإنه حذر من تداعايتها، فوفقا له “يمكن أن تتطور هذه الشكوك لتؤثر سلبا على علاقات البلدين”.
وتابع “أوكوك”، فى حديث للأناضول، أن “العلاقة التى بين جوبا والقاهرة ليست سهلة، وهي قديمة، حيث تمتد إلى مرحلة ما قبل استقلال جنوب السودان (عن السودان) فى يوليوز 2011”.
وختم بأن “مصر فتحت قنصلية لها فى جوبا لتحسين العلاقات مع جنوب السودان، لذلك القاهرة حريصة على علاقتها مع جنوب السودان لضمان دعمه للموقف المصرى فى إفريقيا، وخصوصا في قضية مياه نهر النيل”.