الرباط-عماد مجدوبي
شهد حزب الأصالة والمعاصرة (البام) تطوراً لافتاً مع قرار تجميد عضوية صلاح الدين أبو الغالي، أحد أبرز قياداته. هذا القرار، الذي اتخذته فاطمة الزهراء المنصوري، المنسقة الوطنية للقيادة الثلاثية للحزب، فتح الباب واسعاً أمام العديد من التساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء هذا التطور، وتداعياته على مستقبل الحزب وعلى المشهد السياسي المغربي بشكل عام.
تضارب الروايات حول أسباب تجميد العضوية
تعددت الروايات حول أسباب تجميد عضوية أبو الغالي، ففي حين أشارت بعض المصادر إلى خلافات شخصية بين الطرفين، أبرزت مصادر أخرى وجود خلافات حول التوجهات الاستراتيجية للحزب، خاصة في ظل التحضير للتعديل الحكومي. كما تردد أن هناك ملفات مالية عالقة بين الطرفين، وهو ما نفاه أبو الغالي جملة وتفصيلاً.
رغم نفي أبو الغالي لوجود أي ملفات مالية عالقة، إلا أن هذه الشائعة قد تكون جزءاً من حملة تشويه سمعة تستهدف إضعاف موقعه داخل الحزب.
من الواضح أن هناك صراعاً على النفوذ داخل حزب البام، وأن قرار تجميد عضوية أبو الغالي هو نتيجة لهذا الصراع. فكلا الطرفين يتمتعان بقاعدة شعبية واسعة داخل الحزب، مما يجعل الصراع بينهما أكثر حدة.
قد يكون هناك اختلاف في الرؤية حول التوجهات الاستراتيجية للبام، خاصة في ظل التحضير للتعديل الحكومي. فكل طرف يسعى إلى فرض رؤيته على الحزب، مما قد يؤدي إلى مثل هذه الخلافات الحادة.
اتهامات خطيرة للمنصوري
أطلق صلاح الدين أبو الغالي، عضو القيادة الجماعية لحزب الأصالة والمعاصرة، اتهامات خطيرة ضد فاطمة الزهراء المنصوري، عضوة القيادة الجماعية للأمانة العامة للحزب. هذه الاتهامات، التي تتعلق بسلوك استبدادي وتحكمي، أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والحزبية، وتستدعي تحليلاً معمقاً لفهم أبعادها وتداعياتها.
اتهم أبو الغالي المنصوري بسلوك “استبدادي وتحكمي”، واصفاً إياها بأنها تتصرّف في الحزب وكأنه “ضيعة خاصة. كما اتهمها بالضغط عليه لاتخاذ قرارات تعود بالفائدة على طرف آخر في نزاع تجاري، وهو ما رفضه جملة وتفصيلاً. هذه الاتهامات الخطيرة تثير تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين العضوين، ودوافع المنصوري وراء هذا السلوك، إن ثبت صحته.
تتجاوز دلالات هذه الاتهامات الصراع الشخصي بين العضوين، لتصل إلى قلب القضايا المتعلقة بالحكم الرشيد والديمقراطية داخل الأحزاب السياسية. فإذا ثبتت صحة اتهامات أبو الغالي، فإنها تكشف عن وجود خروقات خطيرة لمبادئ الحوار والتداول السلمي للسلطة داخل الحزب، وهو ما من شأنه أن يقوض الثقة في مؤسسات الحزب ويؤثر سلباً على سمعته.
أي كان الحال، فإن هذه الاتهامات تزيد من حدة الصراع الداخلي بالحزب، وتعمق الانقسام بين أعداء كانوا إلى الأمس القريب إخوة. كما قد تؤدي للإساءة إلى سمعة الحزب، وتجعله عرضة للانتقادات من قبل الرأي العام والأحزاب المنافسة.
جهات عليا و ”الفوق”
تستدعي التصريحات المثيرة التي أطلقها صلاح الدين أبو الغالي والتي تشير إلى إيحاءات “جهات عليا” و ”الفوق” أثناء انتقاده للمنصوري، وقفة تأمل، وتفتح الباب أمام مجموعة من التساؤلات حول طبيعة هذه الجهات، وأسباب توظيفها في الصراع الداخلي بحزب الأصالة والمعاصرة، وتداعياتها المحتملة على المشهد السياسي المغربي ككل.
غالباً ما يشير مصطلح “الجهات العليا” إلى شخصيات أو مؤسسات ذات نفوذ كبير تتجاوز حدود الحزب، وقد تشمل شخصيات سياسية بارزة، أو رجال أعمال مؤثرين، أو حتى أجهزة حكومية.
من الصعب تحديد هوية هذه الجهات بدقة، ومع ذلك، يمكن الاستنتاج أن أبو الغالي يقصد بها جهات تتمتع بسلطة كافية للتأثير على قرارات الحزب.
تعتبر اتهامات أبو الغالي بوجود “جهات عليا” تطوراً خطيراً في الصراع الداخلي بحزب الأصالة والمعاصرة، وتتفتح الباب أمام العديد من التساؤلات، خصوصا أنها صادرة من قيادي كبير في الحزب، وليس خصما أو منافسا سياسيا له.
تداعيات الصراع
المؤكد أن هذا القرار سيؤدي إلى أزمة داخل حزب البام، وسيضعف من وحدته وتماسكه. كما قد يؤدي إلى إحداث هزة داخل قاعدته الحزبية، تنتج عنها انقسامات واصطفافات، حيث سيتضامن كل طرف مع القيادي الذي يؤيده.
ومن المرتقب أيضا أن يكون للصراع المعلن بين زعامات ”البام” تداعيات على المشهد السياسي المغربي بشكل عام، حيث قد تؤثر على أداء الحزب في الانتخابات المقبلة، وتضعف من موقعه في التحالفات الحكومية.
مستقبل الحزب على كف عفريت
يرى متتبعون للشأن السياسي بالمغرب، أن حزب البام، يواجه تحديات كبيرة في المرحلة المقبلة، حيث يتعين عليه تجاوز هذه الأزمة والحفاظ على وحدته وتماسكه. لتحقيق ذلك، يجب على قيادات الحزب العمل على الابتعاد عن المعارك ذات البعد الشخصي المبني على منطق المصالح الضيقة، مقابل التركيز على القضايا الوطنية، والعمل على خدمة مصالح المواطنين.
ختاما، من المتوقع أن تترك هذه الاتهامات تداعيات واسعة على الحزب وعلى الساحة السياسية بشكل عام. فقد تؤدي إلى تصدع في صفوف الحزب وتعميق الخلافات الداخلية، مما قد يضعف قدرته على القيام بدوره كقوة سياسية فاعلة. كما أنها قد تشجع على نشر ثقافة الاتهامات والمهاترات، مما يضر بالعمل السياسي بشكل عام.
تقع على عاتق حزب الأصالة والمعاصرة مسؤولية كبيرة في التعامل مع هذه القضية. و بات لزاما عليه فتح تحقيق شفاف ومحايد لتقصي الحقائق وتحديد المسؤوليات.