24 ساعة ـ متابعة
تستمر الأزمة بين فرنسا والجزائر في التصاعد، حيث تظل التوترات الدبلوماسية والقرارات المتبادلة بمثابة وقود لصراع يبدو أنه بعيد عن الحل. في قلب هذه الأزمة، تبرز قضايا الطرد المتبادل للدبلوماسيين. وتهديدات بإلغاء اتفاقيات إعفاء التأشيرات، مما يعكس عمق الخلاف بين البلدين.
تصريحات نارية من وزير الداخلية الفرنسي
أدلى وزير الداخلية الفرنسي، برونو ريتايو، بتصريحات حادة على قناة “BFM TV”، متهمًا الجزائر بعدم الالتزام بالاتفاقيات الثنائية. وقال: «كل يوم تقريبًا، ترفض الجزائر استقبال أشخاص خاضعين لأوامر مغادرة الأراضي الفرنسية (OQTF)، رغم أنها ملزمة قانونيًا بذلك بموجب اتفاق 1994». هذه التصريحات تسلط الضوء على حالة التوتر المستمر، حيث تبدو الجزائر، وفقًا لفرنسا، غير ملتزمة بالتزاماتها الدولية.
لم يكتف ريتايو بالانتقاد، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، مشيرًا إلى إمكانية اتخاذ إجراءات صارمة إذا استمرت الأزمة.
وأشار إلى قضية الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال، الذي يعاني من المرض وما زال محتجزًا في السجون الجزائرية، رغم مناشدات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للإفراج عنه.
طرد الدبلوماسيين: تصعيد غير مسبوق
في 16 أبريل، اتخذت فرنسا إجراءات رداً على قرار الجزائر بطرد 12 من موظفي السفارة والقنصليات الفرنسية، حيث قامت بطرد 12 موظفًا قنصليًا جزائريًا واستدعت سفيرها في الجزائر للتشاور. ووصف بيان صادر عن الإليزيه هذا التصعيد بأنه «تدهور مفاجئ في العلاقات الثنائية” يتحمل الجزائر مسؤوليته.
بدأت هذه الجولة من التوتر بعد اعتقال موظف قنصلي جزائري في 8 أبريل، على خلفية التحقيق في اختطاف وتوقيف الناشط الجزائري المعارض أمير بوخور، المعروف باسم “أمير DZ”، والذي تتهمه السلطات الجزائرية وتطارده بأوامر اعتقال متعددة.
ريتايو وصف الوضع الاجتماعي للدبلوماسيين الفرنسيين المطرودين بأنه «مأساوي»، مشيرًا إلى أن بعضهم اضطر لترك عائلاتهم، بما في ذلك أطفال صغار أو شريكات جزائريات. هذه القصص الإنسانية تضيف بعدًا آخر إلى الأزمة، مما يعكس تأثيرها العميق على الأفراد.
تهديد بإلغاء اتفاقيات التأشيرات
لم يتوقف ريتايو عند هذا الحد، بل هدد بإعادة النظر في اتفاقية 2013 التي تتيح لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية الفرنسية والجزائرية السفر دون تأشيرة. وقال: “هذه الاتفاقية استثناء مقارنة بدول المغرب العربي الأخرى، وأعتقد أنه يجب تعليقها». وأضاف أن هناك “خيارات أخرى”. قد تُتخذ كخطوات لاحقة، دون أن يكشف عن تفاصيل.
إلغاء هذه الاتفاقية قد يؤثر بشكل كبير على النخبة الجزائرية، حيث يُعرف النظام الجزائري بتوزيع جوازات السفر الدبلوماسية. بشكل واسع على عائلات المسؤولين والعسكريين. ويُذكر في هذا السياق فضيحة إبراهيم غالي، زعيم جبهة البوليساريو، الذي استخدم هوية مزيفة باسم “محمد بن بطوش” لدخول إسبانيا دون تأشيرة لتلقي العلاج من كوفيد-19 في 2021.
الدبلوماسية: أمل ضعيف وسط التصعيد
على الرغم من التوتر، أبقى ريتايو على نافذة أمل صغيرة، مشيرًا إلى أن الدبلوماسية قد تلعب دورًا في حل الأزمة. لكنه أكد أن فرنسا لن تتهاون في مطالبها، وأن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر دون تغيير. ويبدو أن الوزير يحتفظ بخيارات متعددة للرد على ما وصفه بـ«الاستفزازات الجزائرية».
آفاق غامضة
تظل العلاقات الفرنسية-الجزائرية في حالة من عدم اليقين، مع غياب أي تقدم ملموس نحو حل الأزمة. تصريحات ريتايو تعكس إصرار فرنسا على فرض تغييرات في العلاقة الثنائية، بينما تبدو الجزائر متمسكة بموقفها المتشدد. هذا التصعيد، مع تهديدات بإلغاء اتفاقيات التأشيرات. قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التوتر، مع تداعيات محتملة على المستويات الدبلوماسية والاقتصادية وحتى الإنسانية.