الرباط-قمر خائف الله
تختلف الطقوس والعادات والتقاليد والمهن من بلد لآخر خلال الاحتفالات بعيد الأضحى المبارك، لاكن في المغرب تختلف الطقوس والعادات من منطقة لأخرى عند الأسر، لاكن ما يوحدنا هو تقاليد ومظاهر احتفالية مشتركة، بدءا من شراء خروف العيد من الأسواق، وتسنين معدات الدبح، وشراء الفحم “الفاخر”، مرورا بطقوس الذبح والشواء “بولفاف” وتقطيع لحم الخروف، نهاية إلى تبادل الزيارات وإحياء الولائم ليلة العيد ويومي ثاني وثالث العيد.
ويكثر التعاون والتآزر عند الكبير والصغير في هذه المناسبة، ونظرا للمكانة التي يحتلها في قلوب الأسر المغربية يسمى “العيد الكبير”، لأنه يعتبر مناسبة يفرح فيها الكبار والصغار الميسورون منهم والفقراء، ويفضلون قضاءها بين الأقارب، كما تسود البهجة والسرور خلال الولائم.
وبإعتباره مناسبة دينية تكتسي طابع خاص، وفرصة لتحريك عجلة الإقتصاد، تظهر خلاله العديد من المهن الموسمية الصغرى تحقق أرباحا جيدة، إذ تعاود الظهور في أزقة وشوارع مختلف مدن المملكة وتتضاعف أعدادها، مما يؤدي إلى تلبية حاجيات الزبناء من مختلف المنتجات والأدوات المرتبطة بهذه المناسبة.
وبغية الاستفادة من الطلب المتزايد الذي يصاحب هذا العيد، تظهر العديد من المهن المؤقتة تدوم جلها أياماً فقط بمناسبة حلول عيد الأضحى، لتعرض خيارات واسعة من المنتجات والأدوات، إضافة إلى تقديم خدمات تتعلق بشعائر هذه المناسبة الدينية.
وتتنوع هاته الخدمات بين، تسنين السكاكين وبيع التبن والفحم والأعلاف، وكذا تقطيع لحوم الأضاحي أو حتى جمع جلودها وتجفيفها، علاوة على شي رؤوس الذبائح وقوائمها، وكثيرون ممن يشتغلون بهذه الأنشطة المدرة للدخل.
ويحرص آلاف الشباب والأطفال في مختلف المدن على مزاولة هذه المهن المختلفة من أجل كسب بعض المال الذي يتيح لهم تدبر مصاريفهم الخاصة أو لمساعدة أسرهم الفقيرة، ومنهم من يوفر مدخول مهنته المؤقتة ليقتني بدوره أضحية العيد.
الشناقة
قبيل عيد الأضحى المبارك، تنتعش على الخصوص مهنة “الشناقة” في أسواق الأغنام، والتي يمارسها مضاربون يعمدون إلى شراء عدد معين من الكباش ثم إعادة بيعها بثمن أعلى وهامش ربح أكبر.
ويتناسل المضاربون و “الشناقة” الذين يجدون في هذه المناسبة فرصة للرفع من مداخيلهم، ولو كان على حساب القدرة الشرائية للناس، باعتبار أن أنشطة هؤلاء المضاربين تفضي في الغالب إلى ارتفاع أسعار الأغنام.
فمنهم من يكتفي بشراء خروف أو اثنين فقط ويبيعهما في نفس اليوم، ولا يغامر بشراء أكثر من ذلك تحسباً للتقلبات اليومية للسوق، ومنهم من يشتري أعداداً وفيرة خاصة لمن لديهم رؤوس أموال كافية.
تسنين السكاكين
من المهن الأخرى التي تكثر في عيد الأضحى حرفة شحذ السكاكين وباقي الآلات والأدوات المُعدة لذبح الأضاحي، ويحضر الشباب من مختلف الأعمار طاولات خشبية بسيطة يضعون عليها تلك الآلات لتنضيد السكاكين وتهيأها، في حين يتحول بعض الباعة الصغار إلى شحاذي سكاكين أيضاً بمناسبة العيد نظراً للإقبال الكثيف على هذه الصنعة المؤقتة.
الحمّال
تعتبر مهنة الحمال من المهن التي تعرف انتشاراً في الأيام القليلة التي تسبق يوم العيد، فالكثير من الشباب يستعينون بعربات مجرورة أو يعتمدون على عضلاتهم لحمل الكباش لأصحابها من السوق إلى منازلهم مقابل أجر متفق عليه سلفاً بين الطرفين.
باعة العلف و “الفاخر”
فبطبيعة الحال بعد اقتناء أضحية العيد تحتاج الأسر الأعلاف “التبن” التي ستقدمها للأضحية، قبيل أيام العيد الأضحى، فمنهم من يشتري بأسبوع ومنهم من يشتري قبيل عيد الأضحى بيوم أو يومين، ويستغل شباب الحي الفرصة ويتكلفون بمهمة توفيرها، بالإضافة إلى سكن الخروف، تكون قريبة من نقاط بيع الأعلاف.
إلى جانب هذا تتكلف فئة ببيع “الفاخر”، وذلك في إطار تقريب المنتوج من المواطن، بأثمان معقولة، تناسب جيوب والقدرة الشرائية للمواطنين.
الجزار “دبح وسلخ الخروف”
تنتعش مهنة الجزارة بشكل لافت في عيد الأضحى حيث يمتهنها المحترفون والهواة على السواء، كما أن العديد من الشباب يحاولون أن يجعلوا من العيد فرصتهم لجمع بعض المال نظير خدماتهم في الذبح والسلخ وتقطيع لحوم الأضحية.
تشواط الرؤوس
ولأن الكل يشتغل يوم العيد، يتسابق شباب الحي على تشواط رؤوس الأكياش من أجل إعفاء النساء من هذه المهمة، فتشتعل النيران في شوارع الحي بين أحجار صغير يوضع الرأس عليها أو على “المجمر”، فيتم شي رؤوس الخرفان و “الكرعين”، بأثمان مناسبة، وهي مهنة معمر يوم واحد فقط.
وتدخل هذه المهن وغيرها وبإختلاف مكانها ونوعها، في إطار سعي هؤلاء الشباب وراء لقمة العيش وتوفير مورد رزق ينعش جيوبهم، ويعتبر الحافز الأول وراء احتراف هذه المهن الموسمية قربها من محل سكن المواطن، وكذا توفير خدمات كبيرة مقابل مبلغ مالي في متناول الجميع.
ويبدو جليا أن هذه التجارة الموسمية تشكل عملية مركزية للنمو المؤقت من خلال إحداث سيولة نقدية وتوفير فرص للعمل المحلي، في إطار حركة عمل جماعي قاعدته ساكنة شبابية تساهم إلى حد كبير، في تحقيق رواج نقدي محلي هام وأرباح، خاصة خلال الـ10 أيام التي تسبق عيد الأضحى.