24 ساعة-أسماء خيندوف
في ظل تزايد أزمات الجفاف في المملكة، صدرت البلاد حوالي 42 ألف طن من الأفوكادو إلى الأسواق الأوروبية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2024. ويعكس هذا الرقم اللافت نجاحا اقتصاديا في تعزيز صادرات الفاكهة الاستوائية، لكنه في الوقت نفسه يثير العديد من التساؤلات حول تأثير هذه الزراعة على أزمة الجفاف التي يعاني منها المغرب بشكل متزايد.
الجفاف في المغرب.. تحد حقيقي للأمن المائي
يعاني المغرب من أزمة مائية خانقة في السنوات الأخيرة، حيث شهدت البلاد تراجعا ملحوظا في معدلات التساقطات المطرية، ما أدى إلى انخفاض خطير في مستوى المياه في السدود وارتفاع الضغط على الموارد المائية الجوفية. هذا الوضع، الذي يزيد من صعوبة إدارة المياه في القطاعات المختلفة، يهدد الأمن الغذائي ويؤثر على قطاعات الزراعة، التي تعتبر من أكبر مستهلكي المياه.
و تعتبر زراعة الأفوكا من المحاصيل التي تستهلك كميات ضخمة من المياه. حيث يتطلب إنتاج كيلوغرام واحد من الأفوكا حوالي 1000 لتر من الماء، ما يعني أن زراعة كميات ضخمة من هذه الفاكهة يزيد من الضغط على الموارد المائية المحدودة.
التصدير على حساب الأمن المائي
يحقق تصدير الأفوكا للمغرب عائدات اقتصادية هامة، إذ يساعد في تعزيز الصادرات وتوسيع الأسواق الأوروبية. حيث تتزايد المخاوف من أن تزايد زراعة المحاصيل المستهلكة للمياه، مثل الأفوكا، أن يكون له تأثير سلبي على قدرة البلاد في مواجهة أزمات الجفاف المستمرة.
و في ظل تصدير نحو 42 ألف طن من الأفوكا في ثلاثة أشهر، تتجه التوقعات إلى زيادة الإنتاج في الموسم القادم، ما قد يؤدي إلى مزيد من استنزاف المياه في مناطق جنوب المغرب، التي تعتبر من الأكثر تضررا من نقص التساقطات. و قد يبدو ذلك أمرا مربحا من الناحية الاقتصادية، لكنه يفتح بابا لتساؤلات حول أولويات المغرب في ظل هذه الظروف.
دعوات لتبني سياسات زراعية مستدامة
و مع تزايد التغيرات المناخية واحتمالات استمرار الجفاف في السنوات القادمة، تبرز الحاجة إلى مراجعة النموذج الزراعي في المغرب. فمن الضروري البحث عن محاصيل بديلة تكون أقل استهلاكا للمياه وتتناسب مع التحديات المناخية التي يشهدها البلد. كما ينبغي اعتماد تقنيات الري الحديثة والذكاء الصناعي في إدارة الموارد المائية لتقليل الفاقد وضمان استدامة الزراعة في ظل الجفاف.
وتجدر الإشارة إلى أن تصدير الأفوكا، رغم مساهمته في تعزيز الاقتصاد المغربي، يفرض ضغوطا إضافية على الموارد المائية في وقت تتفاقم فيه أزمة الجفاف.
وبالتالي، يستدعي الوضع الراهن ضرورة إعادة تقييم السياسات الزراعية، مع التركيز على زراعة محاصيل أقل استهلاكا للمياه، وتبني تقنيات ري حديثة وإدارة مائية فعّالة لضمان استدامة الزراعة في المستقبل.