يوسف المرزوقي- الرباط
ازداد سنة 1945 ببلدية القنطرة، وهي مدينة صغيرة وهادئة وقليلة الكثافة السكانية، تقع بولاية بسكرة شمال شرق الجزائر، التي تبعد عن العاصمة الجزائرية بحوالي 400 كيلومتر.
أتمم تدريبه العسكري، منتصف السبعينات، بالأكاديمية السوفياتية، ومنذ ذلك الحين وهو يتسلق المراتب داخل الجيش إلى أن صار قائدا للمنطقة العسكرية الثالثة. قبضت عليه القوات المغربية وصار أسيرا لديها في معركة أمغالا سنة 1976. شارك إلى جانب القوات المصرية والسورية في العدوان الذي شنته إسرائيل ضدهما.
شغل مناصب مهمة وعديدة في الجيش الجزائري، خصوصا خلال حقبة ما يوصف بـ ”العشرية السوداء” التي شهدت مواجهات عنيفة بين الجيش والإسلاميين المتشددين ما بين 1991 و2002، خلفت ضحايا قدرت بآلاف القتلى والجرحى. في سنة 2019، وبعد الوفاة الغامضة والمفاجئة لقائد الجيش الجزائري أحمد قايد صالح، بسبب ”نوبة قلبية”، صار الرجل العسكري الأول بالجزائر، ومنذ ذلك الحين دخلت العلاقات المغربية الجزائرية، رويدا رويدا؛ في دوامة من الأزمات والتوترات، جلها كانت تفتعلها الجزائر، بلغت ذروتها خلال السنة الجارية.
أغلب المراقبين، ربطوا التوتر الذي تشهده المنطقة بوصوله إلى قيادة الجيش؛ بل المسؤول الرئيسي عن كل الأزمات المفتعلة التي اختلقتها الجزائر، بدأت بتوجيه اتهامات خطيرة وغير مسبوقة للمملكة في قضية القبائل، مرورا بغلق الأجواء البرية والجوية وطرد رجال أعمال مغاربة من البلاد، وصولا إلى اتهام المغرب بالوقوف وراء قتل جزائريين !
كرهه للمغرب وقيادته لـ ”حرب باردة” ضد الرباط، وسعيه المستمر نحو التصعيد، تقف وراءه عوامل تاريخية، قد يكون أبرزها أن الرجل البالغ من العمر 76 سنة، لا يزال يتذكر لحظة سقوطه أسيرا ضعيفا في يد القوات المغربية، وهو ما يدفعه الآن إلى تصفية تلك العقد التاريخية والنفسية التي تراود الرجل، مع المملكة، بحسابات شخصية ضدا على إرادة الشعب الجزائري.
واتضح بشكل مفضوح أنه مهندس الظل، الواقف وراء كل ما يجري حاليا، مما تسبب في أسوء أزمة بين البلدين، لم يكن لها مثيلا منذ عقود. ولا يزال يراكم هذا الرجل العسكري مزيد من النفوذ والقوة، منذ أن تولى قيادة القوات المسلحة الجزائرية بـ شكل مؤقت”، كما أنه يملك تأثيرا قويا على باقي النخب العسكرية والسياسية في البلاد؛ دفعته نحو خوض معركة مفتوحة على المغرب، بحكم كرهه الشديد للمغرب والمغاربة.
وألقت تقارير إعلامية عالمية باللوم عليه؛ منها جريدة ”لوموند أفريك” الفرنسية، التي أوردت أنه يقود الجزائر ”نحو المجهول وإلى النفق المسدود”، مشددا على أنه أحاط نفسه بأشخاص ”مقربين منه ومخلصين”، يضعون أيديهم على ”المخابرات والأمن المركزي للجيش التي تشرف على جميع شؤون الجزائر، تاركين رئاسة الجمهورية مهمشة”.
وكشفت تقارير إعلامية كذلك، منها صحيفة ”لاراثون” الإسبانية، أن صراعات قوية وتطاحنات وقعت داخل الجيش الجزائري، أودت بحياة مسؤولين عسكريين جزائريين، يرفضون السياسة الحالية للقائد؛ أخرهم اللواء محمد قايدي البالغ من العمر 60 سنة والذي شغل منصبا مهما في هيئة الأركان العامة الجزائرية، الذي توفي في ظروف غامضة. فيما قام بسجن آخرين مقربين من القائد السابق قايد صالح، أبرزهم اللواء محمد بشار.
إنه باختصار شديد الفريق سعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي في الجزائر، الذي يكن عداء مجنونا للمغرب، وتسبب في إدخال المنطقة المغاربية ككل في احتقان لم تشهد له مثيل منذ عقود، بلغت حد التهديد بالحرب.