نشر بشراكة مع DW العربية
منذ إجرائها لتجاربها السريرية حول لقاح لكورونا وطرحها للقاحها، عانت شركة أسترازينيكا السويدية البريطانية، من جدل واسع حول فعالية لقاحها ودرجة أمانه، خاصة ما يخصّ فعاليته لكبار السن، غير أن الأيام الماضية كانت هي الأسوأ، إذ علّقت عدة دول استخدام اللقاح، لمخاوف من تسببه بتجلط الدم، وهو العارض الذي كان سببا في وفاة سيدة في الدانمارك بعد تلقيها اللقاح، والأمر ذاته تكرر في النمسا، مع الإشارة إلى عدم وجود تأكيد رابط قاطع بين حالتي الوفاة وبين تلقي اللقاح.
وانضمت مؤخرا دول ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال وسلوفينيا لقائمة الدول التي علقّت اللقاح بشكل مؤقت، وهي القائمة التي بدأت بالدانمارك، ولحقتها النرويج والنمسا ودول أخرى كإيسلندا وبلغاريا وهولندا وإيرلندا، بينما رفضت سويسرا الترخيص منذ البداية. وهناك دول خارج أوروبا إما أنها أجلت عملية البدء بالتطعيم بهذا اللقاح كالكونغو وأندونيسينا، أو أعلنت أنها لن ترخص للقاح كما فعلت فنزويلا.
أسترازينيكا.. كثرة الضربات توجع
تبقى شركة أسترازينيكا هي أكبر الخاسرين بكل تأكيد من قرارات تعليق استخدام لقاحها وذلك رغم دفاعها عن لقاحها بالقول في بيان إن مراجعتها بيانات من تلقوا اللقاح “لم تسفر عن وجود أدلة على تسببه بخطر الانسداد الرئوي أو تجلط الأوردة العميقة”، وإن “حالات الإصابة بهذه الأعراض المعلن عنها هي أقل بكثير مما يمكن أن يحدث بشكل طبيعي لدى عينة مماثلة من عموم السكان”.
ورغم أن أسهم الشركة لم تتأثر كثيرا في سوق لندن للأسواق العالمية، وسجلت صباح الثلاثاء (16 مارس آذار 2021)، ارتفاعا بـ3.3 بالمائة، إلّا أن سمعتها باتت تعاني كثيرا على المستوى الأوروبي، ومن شأن قرارات التعليق أن تزيد من الخوف المجتمعي من استخدام هذا اللقاح، ففي ألمانيا مثلا، أكدت عدة شهادات أن هناك من يفوّتون عمدا موعد تطعيمهم أو يرفضون بشكل واضح عندما يتعلّق الأمر بأسترازينيكا، ما جعل أكثر من مليون حقنة من اللقاح تبقى دون استخدام.
وأوضحت دراسة من شركة البيانات البريطانية يوغوف أن القليل من الأوروبيين يثقون بلقاح أسترازينيكا مقارنة ببقية اللقاحات المستخدمة في أوروبا، وتصل نسبة الرافضين في ألمانيا لـ27 بالمائة، وفي فرنسا لـ22 بالمتئة، وإيطاليا لـ23 بالمائة، بينما في الجهة المقابلة، يرفض 6 بالمائة من الألمان لقاح فايزر/بيونتيك.
الدول الأوروبية.. بطء التطعيم سيستمر
تخسر الدول الأوروبية مجددا الكثير من الوقت في مواجهة جائحة كورونا، إذ كانت تعول على لقاح أسترازينيكا للمساهمة في تسريع عملية التطعيم، ما سيصبح صعبا مع تعليق استخدام اللقاح. وتعاني جلّ الدول الأوروبية مسبقا من بطء كبير في عملية التطعيم، ما جعلها لا تتواجد في قائمة الدول العشر الأكثر تطعيما لسكانها في العالم، باستثناء مالطا التي حلّت في المركز العاشر حسب بيانات ستاتيكا.
وتبعا لبيانات يوم 14 مارس/آذا لمعهد روبرت كوخ الألماني (يتتبع الحالة الوبائية على الصعيد الألماني الفيدرالي) فإن لقاح أسترازينيكا يأتي في المرتبة الثانية من عدد الجرعات الأولى المقدمة بـ 1,7 مليون من أصل 6,7 مليون جرعة أولية، غير أن عدد الجرعات الثانية من هذا اللقاح لا تتجاوز 250، ما يعني أن من تلقوا الجرعة الأولى سيضطرون للانتظار لغاية الحسم في قرار إعادة استخدامه من عدمه، أو سيكون لزاما على السلطات بحث إمكانية تطعيمهم بلقاح آخر.
أسترازينيكا ليست خاسرة بالمطلق
جلّ الدول التي أوقفت اللقاح هي دول أوروبية اقتنت اللقاح من مصنعين في بلجيكا وهولندا، في وقت تسارع فيه أسترازينكيا الزمن لإنتاج لقاحات في مصانع أخرى بالقارة. غير أن هناك مصنعا خارج القارة استطاع تزويد دول عبر العالم بملايين الجرعات، وهو مصنع معهد مصل الهند الذي يملك خبرة طويلة في إنتاج اللقاحات، خاصة أن الهند لم تعلن عن وجود أّي حالات وفاة بسبب اللقاح.
وجاء التطمين الكندي مؤخرا بأن اللقاح صالح حتى لمن هم أكبر من 65 عاما، عكس التوصيات الأوروبية.
واقتنى الكنديون الجرعات من مصل الهند، كما لا تزال بريطانيا تستخدم اللقاح الذي تمّ تصنعيه في مراكز محلية، ما جعل شعبية مصانع أسترازينيكا داخل الاتحاد الأوروبي موضع تساؤل كبير، سواء فيما يخصّ فعالية اللقاح، أو قدرتها على التصنيع.
أصحاب اللقاحات الأخرى يستفيدون
مصائب قوم عند قوم فوائد، أزمة أوروبا مع لقاح أسترازينكيا قد تستفيد منها روسيا، خاصة بعدما غيّرت أوروبا لهجتها المشككة تجاه لقاح سبوتنيك في الروسي، وباتت تدرس على صعيد رسمي إمكانية الترخيص لهذا اللقاح.
روسيا أعلنت وصولها إلى اتفاقات بتصنيع هذا اللقاح في مصانع تابعة لشركات أوروبية. اللقاح رخصت له واستوردته دول عبر العالم، وصرحت مصادر لرويترز أن هناك حكومات أوروبية مهتمة بمحادثات جدية مع أصحاب اللقاح الروسي لبدء عملية الاستيراد.
اللقاحات الأخرى المستخدمة أوروبيا كفايزر/بيونتك وموديرنا ستستفيد هي الأخرى من تراجع شعبية لقاح أسترازينيكا، خصوصا أنه كان يتفوق عليها في السعر وفي سهولة التخزين. غير أن هناك لقاحا آخر من المتوقع أن يحقق أرقام بيع واسعة عند البدء في تصنيعه، وهو لقاح جونسون أند جونسون التي رخص به الاتحاد الأوروبي مؤخرا وكذلك فعلت منظمة الصحة العالمية، والذي يمتاز عن كل منافسيه أنه من جرعة واحدة.