إدريس العولة – السعيدية
الشمس أوشكت على المغيب، الصمت والهدوء يخيمان على مدينة السعيدية، أمواج البحر تتلاطم وتنكسر على الرمال الذهبية لشاطىء الجوهرة الزرقاء الممتد من الحدود المغربية الجزائرية حتى مصب نهر ملوية القلب النابض للفلاحة بالجهة الشرقية.
حركة خفيفة تشهدها المدينة، هكذا كانت تبدو الأجواء بالجوهرة الزرقاء، لا أحد من ساكنة المدينة، كان يعتقد ويظن أن أنظار الرأي العام الوطني، ستتحول من من الدارالبيضاء المدينة العملاقة نحو بلدتهم الصغيرة والهادئة، سيارات فارهة تتجول بالمدينة وأخرى رابضة أمام مقر المفوضية الأمنية، لم تتعود الساكنة القصبة السعيدة على رأيتها، ولم يتصوروا أبدا أن مشتبه فيهم في إرتكاب الجريمة البشعة التي أودت بحياة الشرطي ” هشام” بتلك الطريقة الوحشية والبشعة يقضون ليلتهم بمدينتهم الهادئة ليكسروا صمتها الرهيب، لأنهم ألفوا أن مدينتهم في أيام الشتاء الباردة تكون غير ممتلئة بالزوار، ولا يكون الإقبال عليها إلا حين أن ترخي السماء بشمسها الحارقة.
الهروب إلى السعيدية
بمجرد ما تم العثور على جثة الشرطي ” هشام” محترقة ومرمية في بالوعة للصرف الصحي بمنطقة مهجورة بدوار ” الخدادرة” ضواحي أولاد حريز، وبعد العثور على سيارته التي لم تسلم بدورها من نيران المجرمين، لم يبق من خيار أمام المشتبه فيهم سوى مغادرة محيط الجريمة، والبحث عن مكان هادئ يأويهم لتمويه رجال الأمن وتشتيت تركيزهم حسب اعتقادهم، قصدوا وكالة لكراء السيارات واختاروا سيارة فاخرة، مع خدمات سائق خاص بالوكالة لأنهم كانوا يخططون إلى ” اللاعودة” لتجنب المشاكل مع صاحبها في حالة عدم إرجاع السيارة المكتراة.
انطلقت السيارة تطوي المسافات، في إتجاه مدينة السعيدية، دون أن يدرك الهاربون أنهم أن رجال الأمن يراقبون كل خطواتهم وتحركاتهم.
لحظة القبض
وصلت سيارة الوكالة إلى مدينة السعيدية، قصد ركابها سمسارا دلهم على شقة مفروشة تعود ملكيتها لإحدى السيدات، دخلوا الشقة ليرتاحوا من عناء السفر، في حين أن عناصر الفرقة الوطنية للضابطة القضائية كانوا يخططون لاقتحام الشقة، وما أن حلت الساعات الأولى الصباح حتى كان المشتبه فيهم في قبضة رجال الأمن، ويتعلق الأمر بشخصين من بينهم امرأة كانت تعاني من كسر على مستوى يدها، إذ كانت تضع ” جبيرة” ليتم اقتياد الجميع نحو مقر الضابطة القضائية بمدينة الدار البيضاء لتعميق البحث معهم، لإيجاد خيط يقودهم لحل لغز هذه الجريمة الشنعاء التي هزت الرأي العام الوطني بالنظر إلى بشاعتها.
انتشار الخبر
انتشر الخبر لدى ساكنة مدينة السعيدية، كما تنتشر النيران في الهشيم، وعرفوا أن الإنزال الأمني المكثف الذي شهدته الجوهرة الزرقاء، له صلة بمقتل شرطي حي الرحمة ” هشام”.
وساد الارتياح الساكنة بعد فك لغز قتل الشرطي المغدور الذي عثر عليه محروقا في بالوعة الصرف الصحي بحد السوالم نواحي الدار البيضاء.
حادث الشرطي
أعاد الإنزال الأمني التي شهدته مدينة السعيدية خلال بداية هذا الأسبوع، إلى أذهان الساكنة إلى سنة 2016 عندما حل كوموندو تابع للضابطة القضائية الوطنية من أجل إلقاء القبض على عناصر خلية إرهابية خطيرة كانت تنشط ضمن تنظيم ” داعش” ، كانت تسللت إلى مدينة السعيدية عبر الشريط الحدودي الفاصل المغرب والجزائر، واتخذت إحدى الشقق المفروشة مأوى لها.
الخلية الإرهابية كانت تعتزم تنفيذ أعمال تخريبية بالجوهرة الزرقاء، من خلال العمل على ضرب بعض المواقع السياحية بالمدينة في الفترة الصيفية التي تعرف فيها المدينة إقبالا مكثفا للزوار من مختلف المناطق المغربية ومن خارج أرض الوطن أيضا.