24 ساعة ـ عبد الرحيم زياد
كشف تحليل حديث صادر عن معهد “Instituto Coordenadas“ الإسباني بتاريخ 11 يونيو 2025 أن الولايات المتحدة، بقيادة الرئيس العائد دونالد ترامب، تقترب من حسم نهائي لنزاع الصحراء المغربية، مشيرا إلى ان الخطة الأمريكية المتعددة الأبعاد إلى وضع المغرب في قلب المعادلة الجيوسياسية والأمنية في شمال وغرب إفريقيا، وذلك من خلال رؤية تهدف إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي والأمن العالمي.
خارطة طريق أمريكية: الحكم الذاتي الحل الوحيد
يؤكد المعهد الإسباني المرموق أن إدارة ترامب، التي أعادت التأكيد على الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء، تعمل حاليا على رسم خارطة طريق سياسية تلزم جميع الأطراف بخيار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
ويعتبر هذا الحل الواقعي والوحيد الممكن لنزاع امتد لما يقرب من نصف قرن، وذلك بهدف إرساء دعائم الاستقرار والتنمية في المنطقة.
ضغوط أمريكية على الجزائر: بين التغيير والعزلة
ومن أبرز معالم هذا التحول الجديد هو ممارسة واشنطن ضغوطا غير مسبوقة على الجزائر لدفعها نحو الانخراط في تسوية سياسية تقبل بالحل المغربي.
وتتضمن هذه الضغوط خيارات استراتيجية صارمة ، وفق التقرير،منها: التهديد بتقليص تمويل بعثة الأمم المتحدة “المينورسو”: خطوة قد تؤثر على قدرة البعثة على العمل بفعالية و تعليق أشكال الدعم السياسي والدبلوماسي: للمواقف الرافضة لمقترح الحكم الذاتي، مما يعزل هذه الأطراف دوليا.
كما يرجح التقرير تصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية أجنبية، وهو ما ورد بوضوح في دراسة مؤثرة نشرت في أبريل الماضي عن معهد هادسون، تدعم هذا التوجه استنادا إلى أسس قانونية قوية.
ويؤكد التقرير أن من شأن هذا التصنيف أن يترتب عليه عواقب وخيمة على الجبهة الانفصالية.
حوافز اقتصادية مقابل “تليين الموقف”
تواصل واشنطن، رغم حزمها، ترك باب التفاهم مفتوحا، إذ تلوح بحوافز اقتصادية ضخمة في حال استجابت الجزائر. وتشمل هذه الحوافز الاندماج بشكل أعمق في الاقتصاد الغربي، ما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادي والتجاري، إلى جانب استثمارات أمريكية كبرى في قطاع الطاقة الجزائري لتعزيز هذا القطاع الحيوي.
كما تعرض الولايات المتحدة تكنولوجيا متقدمة في مجال التنقيب عن الهيدروكربونات والمعادن، بهدف رفع كفاءة الإنتاج وتسريع وتيرة الاكتشافات.
تربط واشنطن هذه المكاسب، كما يشير معهد “Instituto Coordenadas”، بتفكيك دعم الجزائر لجبهة البوليساريو، وبالانخراط الجدي في التسوية السياسية المقترحة، ما يعكس اعتمادها على سياسة العصا والجزرة.
المغرب: محور استراتيجية واشنطن الإفريقية
يرى المحللون أن الاعتراف الأمريكي المتجدد بسيادة المغرب على الصحراء ليس مجرد انتصار دبلوماسي، بل هو أيضًا بداية لإعادة هندسة الدور المغربي في إفريقيا.
وتعوّل واشنطن على الرباط لتكون ركيزة الاستقرار في منطقة الساحل، وشريكًا محوريًا في التصدي للنفوذ الصيني المتصاعد الذي يهدد المصالح الأمريكية في القارة.
في ظل المنافسة العالمية على الموارد الاستراتيجية الإفريقية مثل الذهب واليورانيوم والمعادن النادرة، تدفع إدارة ترامب نحو تسريع تسوية النزاع المفتعل، لتفادي استمرار عدم الاستقرار في منطقة تعتبرها مفتاحًا للأمن العالمي وسلاسل التوريد المستقبلية.
2025: فرصة تاريخية لإنهاء نزاع عمره خمسون عاما
يرى التقرير أن التقاء الذكرى الخمسين لالمسيرة الخضراء مع هذا الزخم الأمريكي المكثف قد يحوّل عام 2025 إلى منعطف تاريخي نحو إنهاء نهائي للنزاع، إذا ما تجاوبت الجزائر والبوليساريو مع خارطة الطريق المطروحة.
وتبقى المقاومة المتوقعة داخل النظام الجزائري للتخلي عن دعم البوليساريو عنصرًا معرقلًا، نظرًا لاعتبارات رمزية وتاريخية قد يُنظر لأي تغيير في الموقف الرسمي كـ”خيانة” لتاريخ سياسي دام لعقود.
أوروبا في مفترق الطرق
حذر التقرير، من استبعاد الاتحاد الأوروبي عن هذا المسار إذا لم يبادر لتحديد موقف واضح من الصراع، وتفعيل أدواته الدبلوماسية للحفاظ على نفوذه الإقليمي. وترك المسرح لواشنطن والصين دون تحرك أوروبي واضح قد يعني فقدان أوروبا لموقعها التقليدي في المنطقة.
وخلص التقرير إلى أن ما كشفه المعهد الإسباني ليس مجرد تكهنات، بل إشارات واضحة إلى أن الإدارة الأمريكية تتحرك بقوة لحل النزاع في الصحراء المغربية من منطلقات جيوسياسية واقتصادية وأمنية شاملة، واضعة على الطاولة كل وسائل الضغط والإغراء معًا.
وتشير التوقعات إلى أن عام 2025 قد يشهد نهاية نزاع طال أمده وكان يعتبر مستعصيا على الحل لعقود، وذلك بفضل ديناميكية جديدة تقودها واشنطن، وتتمحور حول ترسيخ السيادة المغربية مقابل تحقيق السلام والاستقرار والتنمية في شمال وغرب إفريقيا.