24 ساعة-أسماء خيندوف
تلعب المملكة دورا محوريا في التحول العالمي نحو أنظمة غذائية منخفضة الانبعاثات، في ظل الانتقادات المتصاعدة الموجهة لصناعة الأسمدة التقليدية بسبب مساهمتها الكبيرة في التلوث البيئي، وفقا لما أوردته منصة “الطاقة” نقلا عن تقرير حديث لمنظمة الهيدروجين الأخضر (GH2).
خطوات مغربية لتأسيس صناعة نظيفة
أبرز التقرير أن المغرب، من خلال استثماراته المتقدمة في مشاريع الهيدروجين الأخضر، يسير بخطى ثابتة نحو تأسيس منظومة صناعية متكاملة لإنتاج الأسمدة النظيفة، واضعا نصب عينيه تصدير هذه المنتجات على نطاق واسع وبناء مكانة عالمية في هذا المجال.
وأكدت المنصة أن الاعتماد المستمر على الأسمدة المصنعة من الأمونيا المستخرجة من الوقود الأحفوري يسهم في انبعاثات تقدر بما بين 1 و2% من مجموع الغازات الدفيئة عالميًا، ما يفرض ضرورة عاجلة لتطوير حلول بديلة قائمة على الأمونيا الخضراء.
تقنيات مستدامة لمواجهة تحديات المناخ
أوضح التقرير أن سلاسل إنتاج الغذاء تمر عبر أربع مراحل مترابطة تبدأ بتوافر الغاز الطبيعي، تليه صناعة الأمونيا، ثم تصنيع الأسمدة، وأخيرا استخدامها في الزراعة.
وفي سياق تسارع تداعيات التغير المناخي، أشار التقرير إلى أن الحاجة إلى تقنيات زراعية مستدامة دفعت بالأسمدة الخضراء إلى واجهة الاهتمام، رغم التحديات المرتبطة بتكاليف الإنتاج ومحدودية التمويل. كما أكد أن النجاح في هذا التحول يستدعي توسيع استخدام الطاقات المتجددة والاستثمار في مشاريع الهيدروجين الأخضر.
وفي ما يخص الواقع العالمي للإنتاج، كشف التقرير أن الأسمدة المتجددة تنتج حاليا في أربع مواقع فقط، مع إمكانية مضاعفتها في المستقبل القريب، موضحا أن الإنتاج السنوي لا يتجاوز 61 ألف طن، مقابل نحو 180 مليون طن من الأمونيا التقليدية.
الريادة المغربية وتوجهات المكتب الشريف للفوسفاط
لفت التقرير إلى أن المكتب الشريف للفوسفاط (OCP) ضخ 13 مليار دولار في مشاريع تتعلق بسلسلة إنتاج الأسمدة، ضمن مخطط يرمي لتحقيق الحياد الكربوني في أفق 2040.
وشرعت المجموعة في تنفيذ مشاريع كبرى لتحلية المياه بالطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين والأمونيا في العيون وكلميم، إلى جانب مشروع ضخم بمدينة طرفاية بطاقة إنتاجية تبلغ 3.8 غيغاواط، يجمع بين الطاقة الشمسية والرياح وتحلية المياه.
كما أورد التقرير أن هذا المشروع في طرفاية سينطلق في 2026 بإنتاج 200 ألف طن من الأمونيا الخضراء، ليرتفع إلى مليون طن في السنة الموالية، ثم يصل إلى 3 ملايين طن بحلول 2032.
ورغم هذا التقدم، شدد التقرير على ضرورة توفير بيئة داعمة تشمل سياسات واضحة، ورأس مال استثماري محفّز، وضمانات تمويلية، إلى جانب آليات لتثبيت الأسعار، معتبرًا أن المشاريع الحالية لا تزال غير كافية لتغطية الاحتياجات الزراعية العالمية.
واقترح تقرير GH2 ثلاثة مسارات لتوسيع إنتاج الأسمدة النظيفة، وهي: إنشاء وحدات قريبة من مصادر الطاقة المتجددة، وتحديث المصانع الحالية بتكنولوجيا مستدامة، ووضع أطر تنظيمية واضحة للسوق. كما لفت إلى أن الطلب العالمي على هذه الأسمدة مرشح للارتفاع بمعدل عشرة أضعاف في العقد المقبل، ما يعزز أهمية تسريع هذا التحول الحيوي.