24 ساعة ـ عبد الرحيم زياد
أكد تقرير فرنسي أنه في ضوء التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية التي يشهدها القارة الأفريقية، برز المغرب كلاعب رئيسي في رسم خريطة نفوذ وتنمية جديدة، بينما تشهد فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، تراجعًا تدريجيًا في نفوذها.
ووفقًا لتقرير صادر عن بوابة الاستخبارات الاقتصادية الفرنسية، يثير هذا التحول تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين البلدين: هل يعيد المغرب هيكلة تحالفاته بطريقة تهدد المصالح الفرنسية، أم أنه يسعى إلى تعزيز رؤية أفريقية طموحة تخدم مصالح القارة ككل؟
المغرب: القوة الجديدة في منطقة الساحل
يضيف التقرير أنه مع انسحاب البنوك والشركات الفرنسية من عدة قطاعات أفريقية، يسعى المغرب إلى ملء هذا الفراغ. أصبحت الدار البيضاء مركزًا ماليًا إقليميًا، يجذب الاستثمارات الأجنبية ويعيد توجيه الاستراتيجيات الاقتصادية نحو مستقبل أفريقي أقل اعتمادًا على باريس.
تعتبر بورصة المغرب، وهي من بين الأكثر نشاطًا في القارة، رافعة لتنظيم الاستثمارات الأفريقية وجذب الشركات الدولية الراغبة في استكشاف أسواق جديدة.
في قطاعات مثل التمويل والاتصالات والبنية التحتية، تحل الشركات المغربية محل الشركات الفرنسية التي كانت تهيمن سابقًا. أصبحت بنوك مثل التجاري وفا بنك وبنك أفريقيا والبنك الشعبي ركائز النظام المالي في غرب أفريقيا، بينما تعزز شركة اتصالات المغرب وجودها في عدة دول في أفريقيا جنوب الصحراء.
بالإضافة إلى ذلك، تفوز شركات البناء والهندسة المغربية، مثل SGTM و Managem، بعقود استراتيجية لبناء البنية التحتية، مما يعزز الوجود الاقتصادي للمغرب في قلب القارة.
فرنسا والمغرب: تحالف مصالح في الصحراء المغربية
تجنبت فرنسا لعقود تبني موقف واضح بشأن قضية الصحراء، لكنها أعلنت مؤخرًا دعمها لخطة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب. ساهم هذا التحول في تحسين العلاقات بين البلدين، ولكنه يعكس أيضًا استراتيجية فرنسية أوسع للحفاظ على نفوذها في أفريقيا.
وفقًا للمصادر نفسها، ترى فرنسا في المغرب حليفًا قويًا قادرًا على مواجهة القوى الناشئة مثل الصين وتركيا، التي تكتسب نفوذًا في أفريقيا الفرنكوفونية.
يهدف دعم فرنسا للمغرب أيضًا إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي وتجنب التوترات التي قد تضعف موقفها أكثر. ومع ذلك، لا يسعى المغرب إلى أن يكون مجرد امتداد للنفوذ الفرنسي. بل يعمل على تعزيز رؤيته لأفريقيا موحدة ومستقلة، وتعزيز تحالفاته مع دول مثل السنغال وساحل العاج والغابون.
الفرانكفونية والإسلام: أدوات النفوذ المغربي
استخدم المغرب الفرانكفونية كأداة لزيادة نفوذه في أفريقيا جنوب الصحراء، ليصبح لاعبًا رئيسيًا في التعليم والثقافة والبنية التحتية.
تستقبل الجامعات المغربية أيضًا عددًا متزايدًا من الطلاب الأفارقة، بينما تعمل البنوك المغربية على تنظيم الأسواق الإقليمية.
يلعب المغرب دورًا مهمًا في تدريب الأئمة ونشر الإسلام المعتدل في غرب أفريقيا، مما يعزز نفوذه الثقافي والديني في المنطقة.
المغرب يتفوق على فرنسا
لا يمكن وصف استراتيجية المغرب في أفريقيا بأنها مجرد استبدال للنفوذ الفرنسي. بل هي جزء من رؤية أوسع تهدف إلى تحسين التكامل الأفريقي وتنمية القارة من الداخل.
من خلال الاستثمارات الهيكلية وتعزيز العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية، يطمح المغرب إلى أن يكون قائدًا أفريقيًا مستقلاً، قادرًا على تشكيل مستقبل القارة دون الاعتماد كليًا على قوى خارجية.
أشار التقرير إلى أن المغرب لم يخن فرنسا، بل تفوق عليها. وهو الآن يمضي بثقة نحو مستقبل أفريقي جديد، حيث تكون مصالح القارة وشعوبها هي الأولوية.