24ساعة-عبد الرحيم زياد
أقدمت الحكومة على خطوة مثيرة للجدل، تعكس تناقضاً واضحاً مع شعاراتها المعلنة في مجال مكافحة الفساد، وذلك بتخفيض ميزانية الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة بنحو 60 مليون درهم في مشروع قانون المالية لسنة 2025.
هذا القرار الذي يقلص الميزانية من 269 مليون إلى 210 ملايين درهم، يأتي في وقت يظهر فيه تقرير الهيئة السنوي الأخير فشلاً ذريعاً في جهود مكافحة هذه الآفة، مع تسجيل تقدم ضئيل جداً خلال عقدين من الزمن وتراجع في مؤشرات أساسية.
ويثير هذا التخفيض تساؤلات جدية حول جدية الإرادة السياسية في التصدي للفساد، خاصة وأن التقرير السنوي للهيئة قد أشار بوضوح إلى ضرورة تعزيز الموارد المالية والبشرية لضمان فعالية عملها. يأتي هذا في الوقت الذي تشهد فيه العديد من القطاعات الحكومية والخاصة تزايداً في حالات الفساد، مما يهدد استقرار البلاد وتنميتها.
ويمثل ضربة قوية لجهود مكافحة الفساد، ويضع علامات استفهام كبيرة حول مدى التزام الحكومة بتحقيق الشفافية والنزاهة. كما أنه يثير مخاوف من تراجع مكاسب مكافحة الفساد التي تحققت ببطء خلال السنوات الماضية.
رغم وصف مجمد بشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة لوضعية المغرب في مجال مكافحة الفساد بـ”غير المرضية”، وتساؤله عن أسباب هذا الفشل رغم وجود استراتيجيات وطنية طموحة، إلا أن القرار بتخفيض ميزانية الهيئة يثير المزيد من التساؤلات حول جدية الإرادة السياسية في التصدي لهذه الآفة.
ففي الوقت الذي تكافح فيه الهيئة لتحقيق أهدافها، تواجه تحديات كبيرة تتمثل في تشتت الجهود، وضعف التنسيق، ومحدودية الموارد. علاوة على ذلك، فإن التذبذب في ميزانية الهيئة على المدى المتوسط يزيد من حدة هذه التحديات، مما يهدد بعرقلة جهود مكافحة الفساد.