عماد المجدوبي-الرباط
دافع الحزب الاشتراكي بقوة عن قرار الحكومة الإسبانية بالاستثمار في بناء محطة لتحلية المياه في المغرب، مؤكدا على أن المشروع سيتم تنفيذه بواسطة شركات إسبانية.
ووصف رافائيل روبلز المتحدث باسم الحزب في مليلية، الانتقادات التي وجهها أعضاء الحكومة المحلية والحزب الشعبي لهذا الاستثمار بأنها تعكس “الجهل” بحقيقة الأمر.
وعلاوة على ذلك، اتهم روبلز المنتقدين بأن تعليقاتهم تهدف إلى “إثارة المزيد من التوتر” في العلاقات الحساسة بين الحكومتين الإسبانية والمغربية.
وفي معرض رده على تصريحات مسؤولي حزب الشعب حول سعيهم لإنهاء انقطاعات المياه في مليلية حال وصولهم إلى السلطة، دعا روبلز إلى “التخلي عن المواجهات السياسية” والتركيز بدلاً من ذلك على “تحسين شبكة المياه” في المدينة.
في المقابل، أعرب وزير البيئة عن اعتقاده بأن الحكومة الإسبانية، من خلال هذا الاستثمار، تمنح الأولوية للمغرب على حساب مليلية، خاصة في ظل الوضع الحالي لمحطة تحلية المياه في المدينة والتي تحتاج إلى تجديد بتمويل يقدر بـ 12 مليون يورو. كما رأى دانييل فينتورا، المستشار، أن مليلية في حاجة ماسة إلى محطة ثانية لتحلية المياه لتلبية احتياجاتها المتزايدة.
إلى ذلك، في خطوة تعزز العلاقات الاقتصادية المتنامية بين البلدين، أعلنت السفارة الإسبانية في الرباط عن دعم مالي كبير لمشروع استراتيجي لتحلية مياه البحر في الدار البيضاء، والذي تنفذه شركة “أكسيونا” الإسبانية. ومن المتوقع أن تصبح هذه المحطة الأكبر من نوعها في القارة الأفريقية، بطاقة إنتاجية تصل إلى 300 مليون متر مكعب سنويًا.
وقد شاركت وزيرة الدولة الإسبانية للتجارة، أمبارو لوبيز سينوفيلا، في فعالية رسمية لدعم هذا المشروع، حيث أكدت أن هذه المبادرة “تجسد لحظة ممتازة في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، المبنية على الثقة والاحترام والتعاون المتنامي”. وأشارت إلى أن المشروع لا يلبي حاجة حيوية للأمن المائي فحسب، بل يمثل أيضًا نموذجًا للتعاون المؤسسي والتجاري في مجالات الاستدامة.
تبلغ قيمة الدعم الإجمالي المقدم من إسبانيا حوالي 340 مليون يورو (3.66 مليار درهم مغربي)، ويشمل ثلاث آليات مالية: قرض بقيمة 250 مليون يورو من صندوق تدويل الأعمال (FIEM) لتمويل تصميم وبناء وتشغيل المحطة، وتأمين ائتمان الصادرات يغطي ما يصل إلى 80% من قرض إضافي بقيمة 70 مليون يورو من بنك “Société Générale”، بالإضافة إلى مساهمة رأسمالية عبر قرض بقيمة 31 مليون يورو من صندوق الاستثمارات الأجنبية (FIEX) تديره شركة “COFIDES” لدعم مشاركة “أكسيونا” في المشروع.
من المتوقع أن يحدث هذا المشروع تحولًا جذريًا في البنية التحتية المائية في المغرب، حيث سيوفر مياه الشرب لملايين السكان في منطقة الدار البيضاء ومياه الري الزراعي. كما سيستخدم المشروع تقنيات تحلية متقدمة تعتمد على الطاقة المتجددة، مما يعزز الأمن المائي ويخلق فرص عمل في كلا البلدين.
يمتد نموذج الامتياز لهذا المشروع على مدى 30 عامًا، منها ثلاث سنوات للبناء و27 عامًا للتشغيل والصيانة، مما يجعله نموذجًا رائدًا يمكن تكراره في مناطق أخرى تواجه تحديات مائية مماثلة نتيجة لتغير المناخ.
يأتي هذا الاستثمار في سياق التزام الحكومة الإسبانية بتشجيع الشركات الوطنية على المشاركة في مشاريع دولية ذات تأثير تنموي واستدامة عالية، ويعكس الحضور القوي للشركات الإسبانية في المغرب، حيث تنشط أكثر من 350 شركة في قطاعات حيوية متنوعة.
وتجدر الإشارة إلى أن العلاقات التجارية بين المغرب وإسبانيا تشهد تطورًا ملحوظًا، حيث تعتبر إسبانيا الشريك التجاري الأول للمملكة بحجم تبادل تجاري يتجاوز 22.5 مليار يورو.