الرباط-عماد مجدوبي
دخل المغرب مرحلة تحول استراتيجية وغير مسبوقة في تدبير المجال الطاقي، من خلال التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى إجراء إصلاح عميق للهيئة الوطنية لضبط الكهرباء، من خلال تحويلها إلى هيئة وطنية لضبط قطاع الطاقة، عبر مراجعة القانون المتعلق بها، وتوسيع اختصاصاتها لتشمل كل مكونات قطاع الطاقة.
وهكذا، أصدر الملك محمد السادس توجيهاته لتشمل اختصاصات الهيئة فضلا عن الكهرباء، الغاز الطبيعي والطاقات الجديدة، على غرار الهيدروجين ومشتقاته، وكذا مجالات الإنتاج والتخزين والنقل والتوزيع، وذلك بما يساير مستوى النضج الذي بلغه قطاع الطاقة ببلادنا، وطبقا للممارسات الدولية الفضلى في هذا المجال.
وتعكس هذه التوجيهات رؤية ملكية استباقية واستراتيجية من أجل وضع أسس تحول طاقي دخله المغرب خلال السنوات الأخيرة، من خلال تنويع مصادر الطاقة، وفتح الباب أمام عهد الطاقات المتجددة التي ستمنح التفوق للمملكة، لاسيما على مستوى الطاقات المتجددة الريحية والشمسية، وإنتاج الهيدروجين الأخضر.
هذه الدينامية التي يشهدها المغرب منذ سنوات عدة حظيت برؤية ملكية استباقية وذات بعد نظر. فلم يكن المغرب ليدخل نادي الدول المستعملة للطاقات النظيفة دون العناية الملكية والتوجيهات السامية التي تجعل بلادنا اليوم تتوفر على حقول شاسعة لإنتاج الطاقة الريحية والشمسية.
وبنفس العزم والإرادة، يدخل المغرب اليوم محطة جديدة في تدبير المجال الطاقي. هذه الرؤية الطموحة تسعى إلى جعل المغرب فاعلاً رئيسيًا في التحول الطاقي العالمي، مع التركيز على الاستقلالية والاستدامة في مجال الطاقة. فقد أعطى الملك محمد السادس توجيهاته السامية لإصلاح الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء، بهدف تحويلها إلى هيئة تنظيمية وطنية لقطاع الطاقة،
وذلك من خلال مراجعة القانون المتعلق بها وتوسيع نطاق اختصاصاتها لتشمل جميع مكونات قطاع الطاقة بالإضافة إلى الكهرباء. ويشمل ذلك الغاز الطبيعي والطاقات الجديدة كالهيدروجين ومشتقاته، بالإضافة إلى مجالات الإنتاج والتخزين والنقل. والتوزيع، وذلك تماشياً مع مستوى النضج الذي وصل إليه قطاع الطاقة في بلادنا، وتماشياً مع أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال.
ويضع هذا الإصلاح الشامل المستند إلى الاستراتيجية الوطنية الطموحة في هذا المجال، المملكة في موقعٍ متقدمٍ في مجال التحول في مجال التحول الطاقي ونموذجاً للاستدامة. ذلك أن المغرب يتمتع بإمكانات استثنائية في مجال الموارد المتجددة، حيث يصنف مؤشر جاذبية البلدان في مجال الطاقة المتجددة المغرب كأكثر البلدان جاذبية في أفريقيا للاستثمار في الطاقة المتجددة.
ومن خلال مواءمة نفسه مع المعايير المتقدمة، يرفع المغرب جاذبيته كوجهة مفضلة للمستثمرين في هذا المجال لاعتبارات عدة من بينها الاستراتيجية الطموحة للمملكة في هذا المجال، والبنية التحتية المتوفرة، وأيضا لكون المغرب الممر الوحيد للطاقة والتجارة الذي يربط بين أوروبا وأفريقيا وحوض المحيط الأطلسي.
ووفقاً لمنظمات دولية مثل الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA)، يُصنَّف المغرب من بين أفضل ثلاث دول في العالم في إنتاج الهيدروجين الأخضر منخفض التكلفة. وتدعم الأرقام على أرض الواقع هذا الوضع المتقدم للمغرب الذي يتوفر على 45% من مزيج الكهرباء من الطاقات المتجددة بحلول عام 2024.
ويتجاوز المغرب التوقعات لعام 2030 (الهدف المعدل بنسبة 56% بحلول عام 2027)، مع قدرة الطاقة المتجددة المركبة التي بلغت 4,600 ميجاوات بحلول نهاية عام 2023، وقدرة إنتاجية إضافية تبلغ 3,000 ميجاوات كما مخطط لها بحلول عام 2030.
لقد أصبح المغرب مثالا يحتذى بها في الطاقات المتجددة، ما يجعله قبلة لكبريات الشركات العالمية المتخصصة في هذا المجال. وخير مثال على ذلك، هو أن مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر بدأ يستقطب عمالقة هذا المجال، حيث أعرب 100 مستثمر وطني ودولي عن اهتمامهم بالاستثمار في هذا القطاع..وهذه مجرد بداية ستتعزز أكثر في ظل رؤية ملكية ستجعل من المغرب “جنة” للطاقات المتجددة والبديلة.