24 ساعة-أسماء خيندوف
أشاد رئيس الوزراء الإسباني الأسبق، خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو، في كتابه الجديد “الحل السلمي”، بمتانة علاقته الشخصية مع الملك محمد السادس، واصفا إياها بـ”الصداقة المتينة” التي تعود إلى سنة 2001، ومعتبرا أنها تعكس رغبة مشتركة في تعزيز العلاقات الثنائية بين الرباط ومدريد.
ونقل موقع “إل ديباتي” الإسباني مضامين من الكتاب الذي خصص فيه ثاباتيرو فصلا كاملا للحديث عن لقائه الأول بالملك محمد السادس، والذي جرى يوم 18 دجنبر 2001 بالعاصمة الرباط، حين كان لا يزال في المعارضة، مشيرا إلى أن اللقاء تم في أجواء رسمية لكنها محملة بالدلالات الرمزية، نظرا لسياق التوتر الذي كان يطبع العلاقات الثنائية آنذاك.
وفاجأ الملك ضيفه الإسباني، حسب تعبير ثاباتيرو، حين بادره بالحديث باللغة الإسبانية، مؤكدا أن الملك يتحدثها بطلاقة ويتمتع بمعرفة دقيقة بالثقافة الإسبانية. كما اعتبر ذلك مؤشرا واضحا على رغبة المغرب في بناء علاقة متقدمة مع الجارة الشمالية، ومشيرا في الوقت ذاته إلى أن ولي العهد الأمير الحسن يتابع بدوره دراسته باللغة الإسبانية، ما يعزز آفاق هذا التقارب في المستقبل.
واستعاد ثاباتيرو في كتابه فترة بداية صداقته مع الملك، التي تزامنت مع ظرف إقليمي دقيق شهد سحب المغرب لسفيره من مدريد واندلاع أزمة جزيرة ليلى في يوليوز 2002، موضحا أن هذه الصداقة تعززت بعد توليه رئاسة الحكومة في أعقاب اعتداءات مدريد سنة 2004.
ورغم ما وصفه بتذبذب العلاقات بين البلدين بحسب التوجه السياسي للحكومات الإسبانية، شدد رئيس الوزراء الأسبق على أن الروابط التاريخية والجغرافية والثقافية بين البلدين تظل أقوى من التقلبات السياسية. كما دعا إلى تجاوز النظرة الأوروبية النمطية للمغرب، والاعتراف بما سماه “الأخوة الثقافية” المتجذرة بين الشعبين.
وكتب في هذا السياق: “نحن بلدين لا يفصل بينهما سوى 14.4 كيلومترا، مسافة صغيرة بين شعبين تربطهما ذاكرة مشتركة وعلاقات إنسانية عميقة، رغم التوترات التي شابت العلاقة في فترات معينة”.
وكشف ثاباتيرو عن البعد الشخصي لعلاقته بالمغرب، مشيرا إلى زياراته المتكررة لمدن مثل أصيلة والعرائش، المدينة التي تعود إليها جذور جده خوان رودريغيز لوزانو، الذي ُعدم خلال الحرب الأهلية الإسبانية.
كما ذكر بالتكريم الذي حظي به من طرف الملك محمد السادس سنة 2016 خلال احتفالات عيد العرش بمدينة تطوان، حين قلده وسام العرش من درجة استثنائية، وهو من بين أرفع الأوسمة في المملكة.
ولم يغفل ثاباتيرو الإشارة إلى العلاقة التي جمعت بين الملك محمد السادس والعاهل الإسباني السابق خوان كارلوس، مبرزا أن هذا الأخير أخبره برغبته في زيارة سبتة ومليلية قبل نهاية فترة حكمه، وهو ما تحقق بالفعل. كما أعرب عن ثقته في أن الملك فيليبي السادس سيواصل العمل على تعزيز هذه العلاقة الثنائية المتينة.
وفي ختام كتابه، دعا ثاباتيرو إلى تجاوز المقاربات التقليدية في قراءة العلاقات المغربية الإسبانية، مشددا على أهمية إدراج الأبعاد الإنسانية والثقافية والجغرافية في بناء علاقة شراكة متوازنة ومستقرة بين البلدين الجارين.