24 ساعة-متابعة
تُعد قضية الصحراء المغربية من القضايا الإقليمية التي تشهد زخمًا دوليًا متزايدًا نحو إيجاد حل سياسي وعادل يضمن الاستقرار في منطقة شمال إفريقيا. في هذا السياق، يبرز الموقف الثابت لإسبانيا، الذي أُكد مجددًا بعد ثلاث سنوات من توقيع الإعلان المشترك بين جلالة الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، في أبريل 2022، كجزء من دينامية دولية واسعة تدعم مبادرة الحكم الذاتي التي قدمتها المملكة المغربية عام 2007. يصف هذا الإعلان المبادرة بأنها “الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية” لتسوية النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، مما يعكس التزام إسبانيا بدعم حل سياسي تحت مظلة الأمم المتحدة، ويعزز الإجماع الدولي المتزايد حول هذا الحل.
دينامية دولية داعمة لمبادرة الحكم الذاتي
يندرج الموقف الإسباني ضمن دينامية دولية قوية تشهدها قضية الصحراء المغربية، حيث باتت مبادرة الحكم الذاتي محور كل الجهود الدولية لتسوية هذا النزاع. فقد ساهمت الرؤية الاستراتيجية لجلالة الملك محمد السادس، خلال السنوات الأخيرة، في إعطاء دفعة قوية لهذا الملف، جعلت من المبادرة المغربية مرجعًا أساسيًا في النقاشات الدولية. هذه الدينامية لم تقتصر على الدول الجارة أو الشركاء التقليديين، بل امتدت لتشمل قوى عالمية وإقليمية، مما يعكس قبولًا واسعًا للحل المغربي.
حاليًا، تُعبّر 22 دولة من دول الاتحاد الأوروبي عن دعمها الصريح لمبادرة الحكم الذاتي، مما يبرز الوزن السياسي لهذا الحل على المستوى الأوروبي.
كما أن أعضاء دائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مثل الولايات المتحدة وفرنسا، قد أعلنوا بشكل واضح تأييدهم لهذا المسار، معتبرين المبادرة حلاً عمليًا وواقعيًا. هذا الدعم لا يقتصر على الغرب، بل يمتد إلى إفريقيا والعالم العربي، حيث تُظهر دول الخليج وعدد من الدول الإفريقية تأييدًا متزايدًا للسيادة المغربية على صحرائها وللمبادرة كحل وحيد قابل للتطبيق.
دور الملك محمد السادس في تعزيز الملف
لقد كان للرؤية الملكية دور حاسم في تحويل قضية الصحراء المغربية إلى ملف يحظى بزخم دولي غير مسبوق. من خلال الدبلوماسية النشطة والمبادرات التنموية في الأقاليم الجنوبية، تمكن المغرب من فرض مبادرة الحكم الذاتي كخيار لا مفر منه في النقاشات الدولية.
فقد أطلق جلالته مشاريع تنموية كبرى في إطار النموذج التنموي الجديد للصحراء، مما عزز الاستقرار والرفاهية في المنطقة، وأظهر التزام المغرب بتحسين ظروف عيش ساكنة الصحراء في إطار السيادة الوطنية.
هذا الزخم الذي قاده جلالة الملك جعل المبادرة مركز الجهود الدولية، حيث أشاد قرار مجلس الأمن رقم 2756.الصادر في أكتوبر 2024، بالجهود المغربية الجادة والمصداقية، داعيًا إلى تفعيل المبادرة بشكل فوري. هذا الدعم الدولي يُترجم إرادة قوية للمضي قدمًا نحو حل نهائي يحترم السيادة المغربية ويضمن استقرار المنطقة.
أهمية الموقف الإسباني في السياق الدولي
يُعتبر الموقف الإسباني جزءًا لا يتجزأ من هذه الدينامية الدولية، ويحمل أهمية خاصة نظرًا للعلاقات التاريخية والجغرافية التي تربط إسبانيا بالمغرب. إن تأكيد إسبانيا، بعد ثلاث سنوات من الإعلان المشترك، على دعمها لمبادرة الحكم الذاتي يعكس التزامها الاستراتيجي بتعزيز الاستقرار الإقليمي. هذا الموقف ليس معزولًا، بل ينسجم مع الإجماع الدولي الذي يضم 22 دولة أوروبية، وأعضاء مجلس الأمن، وفاعلين إقليميين بارزين مثل دول الخليج.
إن دعم إسبانيا، إلى جانب فرنسا والولايات المتحدة، يُجسد إرادة قوية لتجاوز الوضع الراهن (Statu quo) الذي طال أمده لخمسين عامًا. فالتمسك بمواقف قديمة أو توجهات غير واقعية، كما يفعل بعض الأطراف، لا يخدم سوى استدامة النزاع وإعاقة الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل. في المقابل، تُظهر المبادرة المغربية مرونة وواقعية تجعلها الخيار الأمثل لتحقيق تسوية عادلة ودائمة.
فرصة تاريخية لحل نهائي
مع الزخم الدولي المتزايد والدعم الواسع لمبادرة الحكم الذاتي، تبرز اليوم فرصة تاريخية لحل نهائي لنزاع الصحراء المغربية في إطار الأمم المتحدة. هذه الفرصة تتأسس على احترام تام لسيادة المغرب ووحدته الترابية، مع الاعتماد على مبادرة الحكم الذاتي كالأساس الوحيد للتسوية.
إن هذا الحل لا يقتصر على الجانب السياسي فحسب، بل يشمل أيضًا البعد التنموي، حيث يهدف إلى تمكين سكان الصحراء من إدارة شؤونهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في إطار السيادة المغربية.
إن استمرار الدعم من دول مؤثرة مثل إسبانيا، فرنسا، والولايات المتحدة، إلى جانب الإجماع الأوروبي والإقليمي. يعزز من آفاق هذا الحل. كما أن الدور المحوري للمغرب في قيادة هذه الدينامية يؤكد قدرته على فرض رؤية استباقية تخدم مصالح المنطقة بأكملها.
تحديات وآفاق المستقبل
على الرغم من هذا الزخم الدولي، لا تزال هناك تحديات تواجه تسوية النزاع. خاصة من خلال تمسك بعض الأطراف بمواقف متشددة تُعيق تقدم العملية السياسية. ومع ذلك، فإن الإجماع الدولي المتزايد، بقيادة دول مثل إسبانيا، يُضعف هذه المواقف ويُعزز من فرص التوصل إلى حل نهائي. في المستقبل، يمكن أن تلعب إسبانيا دورًا أكبر في تعزيز الحوار بين الأطراف، سواء من خلال دعمها لجهود المبعوث الأممي أو من خلال تعزيز التعاون الإقليمي.
في الختام، يُعد ثبات إسبانيا على دعم مبادرة الحكم الذاتي، بعد ثلاث سنوات من الإعلان المشترك. تعبيرًا عن التزامها بدعم حل سياسي واقعي لنزاع الصحراء المغربية. هذا الموقف، الذي يندرج ضمن دينامية دولية واسعة، يعزز الإجماع الدولي حول المبادرة المغربية،
ويُبرز الدور القيادي لجلالة الملك محمد السادس في دفع هذا الملف نحو تسوية نهائية. مع دعم 22 دولة أوروبية، وأعضاء مجلس الأمن، ودول إفريقية وعربية، تظل مبادرة الحكم الذاتي الخيار الأكثر جدوى لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، مما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون الإقليمي والتنمية المستدامة.